منتدى عشوقـآت
اللهم صل على محمد وآل محمد
منتدى أنصار الامام المهدي(ع) يرحب بكم
هنا نلتقِي لنجدد العهد لمولاناالقائِم المنتظر،
حيـآكم معنا ..
لآنريدكَ ضيفا بل من اهل الدآر الولائية
منتدى عشوقـآت
اللهم صل على محمد وآل محمد
منتدى أنصار الامام المهدي(ع) يرحب بكم
هنا نلتقِي لنجدد العهد لمولاناالقائِم المنتظر،
حيـآكم معنا ..
لآنريدكَ ضيفا بل من اهل الدآر الولائية
منتدى عشوقـآت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عشوقـآت

عبق الولاية الحيدرية ،وحرارة الانتظار المهدوية ،والنفحات الالهية ....
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
عزيزتي الغاليه: حينما يسدل ظلام الليل وتظهر نجومه المتلأله وتسكن النفوس وتغمض العيون انهضي من فراشك قائلة ((اللهم قدرني على طاعتك فما أبتغي غير رضاك ربي... ثم قومي من فراشك وتوضأي وصلي صلاة الليل هالله هالله في صلاة الليل وصيتي لكم فهي تجعلك هالة من نور لم يستطع المصباح ان يوازي جمالك ولا القمر ان ينظر اليك لانه خجلا منك..!! دعواتكم مديرتكم وخادمتكم: عشووقه
مطلووب مشرفاات للأقساام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عظم الله لكم الاجر باستشهاد سيد الشهداء ابا عبدالله الحسين ارواحنا له الفداء
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» خااااااص بنات ثانوي فقط
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالسبت مارس 10, 2012 11:14 pm من طرف عشوقه

» \\//\\**أهم القوانـــــــين .. يجب الأطلاع قبل وضع اي روايـه **//\\//
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالخميس يونيو 23, 2011 8:44 am من طرف عشوقه

» رواية قصيره عن عبد العزيز
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالخميس مارس 24, 2011 9:49 pm من طرف عشوقه

» اكسوارات
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالثلاثاء فبراير 15, 2011 2:30 am من طرف توأم القمر

» ملابس شتاء 2010
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالثلاثاء فبراير 15, 2011 2:27 am من طرف توأم القمر

» روايه روعة البنات
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:12 am من طرف توأم القمر

» روايه روعه البنات 2
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:08 am من طرف توأم القمر

» رواية روعة بنات الثانويه
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:06 am من طرف توأم القمر

» ملخص مادة الكيمياء اول ثنوي مطور
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالأحد يناير 16, 2011 11:38 pm من طرف مكسورة الخاطر

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
عشوقه
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
عاشقه الزهراء
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
عاشقة الحوراء
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
توأم القمر
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
دمعة مشتاقه
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
M&M's
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
مكسورة الخاطر
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
بنت الزهراء
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
moon
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
MaCnTooSHa
رسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_rcapرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_voting_barرسول الله محمد بن عبدالله (ص) I_vote_lcap 
سحابة الكلمات الدلالية
نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 
اليوميةاليومية
تصويت

 

 رسول الله محمد بن عبدالله (ص)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عشوقه
Admin
Admin
عشوقه


انثى
عدد المساهمات : 360
نقاط : 1613
6
تاريخ الميلاد : 12/08/1994
تاريخ التسجيل : 25/12/2009
العمر : 30
الموقع : في قلب من أحـــــــــب
وسام التميز
الادارة

رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Empty
مُساهمةموضوع: رسول الله محمد بن عبدالله (ص)   رسول الله محمد بن عبدالله (ص) Emptyالأربعاء ديسمبر 30, 2009 6:34 pm

مولده ونسبه إلى آدم عليه السلام ووقت وفاته

ولد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الجمعة عند طلوع الشمس السابع عشر من شهر ربيع الاَول من عام الفيل (1).

(وفي رواية العامّة: ولد صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الاثنين، ثمّ اختلفوا فمن قائل يقول لليلتين من شهر ربيع الاَوّل (2) ،ومن قائل يقول: لعشر ليال خلون منه (3)، وذلك لاَربع وثلاثين سنة وثمانية أشهر مضت من ملك كسرى) (4) أنوشيروان بن قباد وهو قاتل مزدك والزنادقة ومبيرهم (5)وهو الذي عنى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على ما يزعمون: ولدت في زمان الملك العادل الصالح (6). ولثمان سنين وثمانية أشهر من ملك عمرو بن هند ملك العرب (7).

وكنيته: أبو القاسم.

وروى أنس بن مالك قال: لمّا ولد إبراهيم ابن النبيّ من مارية أتاه جبرئيل عليه السلام فقال: «السلام عليك أبا إبراهيم»، أو: «يا أبا إبراهيم» (Cool

ونسبه: محمّد بن عبدالله بن عبد المطلب ـ واسمه شيبة الحمد ـ بن هاشم ـ واسمه عمرو ـ بن عبد مناف ـ واسمه المغيرة ـ بن قصي ـ واسمه زيد ـ ابن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان (9).

وروي عنه عليه السلام أنّه قال: «إذا بلغ نسبي عدنان فأمسكوا» (10).

وروي عن اُمّ سلمة زوج النبيّ عليه السلام قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «معد بن عدنان بن اُدد بن زيد بن ثرا بن أعراق الثرى، قالت اُمّ سلمة: زيد هميسع وثرانبت وأعراق الثرى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام؛ قالت: ثمّ قرأ رسول الله وصلّى الله عليه وآله وسلّم: (وَعاداً وثَمَودَ وأصْحابَ الرَّسِّ وَقُروناً بَينَ ذلِك كَثيراً ) (11)لا يعلمهم إلاّ الله» (12).

وذكر الشيخ أبو جعفر بن بابويه رضوان الله عليه: عدنان بن أدّ بن اُدد بن يامين بن يشجب بن منحر بن صابوغ بن الهميسع (13).

وفي رواية اُخرى: عدنان بن اُدد بن زيد بن يقدد بن يقدم الهميسع بن نبت بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام (14).

وقيل: الاَصحّ الذي اعتمد عليه أكثر النسّاب وأصحاب التواريخ: أنّ عدنان هو اُدّ بن اُدد بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن نبت بن حمل بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام ابن تارخ بن ناحور بن ساروغ بن ارغوا بن فالغ بن عابر (15) وهو هود عليه السلام ابن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام بن لمك بن متّوشلخ بن أخنوخ (16) وهو إدريس عليه السلام (ابن يارد) (17) بن (مهلائيل) (18) يارد بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليه السلام أبي البشر (19).

واُمّه: آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب.

وأرضعته حتّى شبّ حليمة بنت عبدالله بن الحارث بن شجنة السعديّة من بني سعد بن بكر بن هوازن، وكانت ثويبة مولاة أبي لهب بن عبد المطّلب أرضعته أيضاً بلبن ابنها مسروح وذلك قبل أن تقدم حليمة ، وتوفيّت ثويبة مسلمة سنة سبع من الهجرة، ومات ابنها قبلها، وكانت قد أرضعت ثويبة قبله حمزة بن عبد المطلب عمّه، فلذلك قال رسول الله عليه السلام لابنة حمزة: «إنّها ابنة أخي من الرضاعة» وكان حمزة أسنّ من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأربع سنين (20).

وأمّا جدّته اُمّ أبيه عبدالله: فهي فاطمة بنت عمر <و> بن عائذ بن عمران بن مخزوم.

واُمّ عبدالمطلب: سلمى بنت عمرو من بني النجّار.

واُمّ هاشم: عاتكة بنت مرّة بن هلال من بني سليم.

واُمّ قصي وزهرة: فاطمة بنت سعد من أزد السراة (21).

وصدع صلّى الله عليه وآله وسلّم بالرسالة يوم السابع والعشرين من رجب وله يومئذ أربعون سنة.
وقبض صلوات الله عليه وآله يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستّين سنة (22).


(1) مساّر الشيعة: 29، التهذيب للطوسي 6: 2، مصباح المتهجد: 732، قصص الاَنبياء للراوندي:316 |393، مناقب ابن شهرآشوب 1: 172، روضة الواعظين: 70، اقبال الاَعمال: 603، العدد القوية: 110، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25 ، وفي بعض المصادر: طلوع الفجر بدل طلوع الشمس.
(2) الطبقات الكبرى 1: 101، تاريخ اليعقوبي 2: 7، صفة الصفوة 1: 52، الوفا بأحوال المصطفى 1: 90، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25.
(3) الطبقات الكبرى 1: 100، صفة الصفوة 1: 52، الوفا بأحوال المصطفى 1: 90، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279|25.
(4) ما بين القوسين لم يرد في نسخة «ق»، وفي نسخة «ط» إلى آخر المقطع، واثبتناه من نسخة «م» ونسخة المجلسي.
(5) مبيرهم: مهلكهم. «لسان العرب 4: 86».
(6) قصص الاَنبياء للراوندي: 316| ذيل الحديث 393 قطعة منه، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 279 | 25.
(7) مناقب ابن شهرآشوب 1: 172، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(Cool الطبقات الكبرى 1: 135، مستدرك الحاكم 2: 604، دلائل النبوة للبيهقي 1: 164 الوفا بأحوال المصطفى 1: 105، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(9) مناقب ابن شهر آشوب 1: 154، سيرة ابن هشام 1: 1، الطبقات الكبرى 1: 55، تاريخ الطبري 2: 271، مروج الذهب 3: 5|1442، دلائل النبوة للبيهقي 1: 179، الاستيعاب 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(10) قصص الاَنبياء للراوندي: 316|394، مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، الطبقات الكبرى 1: 56، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(11) الفرقان 25:: 38.
(12) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، دلائل النبوة للبيهقي 1: 178ـ 179، وذكر صدره الطبري في تاريخه 2: 271، وابن الجوزي في الوفا بأحوال المصطفى 1: 16، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(13) نقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(14) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، الطبقات الكبرى1 : 57، تاريخ الطبري 2: 174، وباختلاف يسير في الاَخرين، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(15) في نسخة «ط»: غابر.
(16) في نسخة «م» زيادة: ويقال: اُخنوخ.
(17) ليس في نسختي «ط، ق».
(18) في نسخة «ط»: مهلائل.
(19) مناقب ابن شهر آشوب 1: 155، مروج الذهب 3: 5|1442، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 280|25.
(20) انظر: المقنعة: 456، التهذيب للطوسي 6: 2، مناقب ابن شهر آشوب 1: 155و 173، سيرة ابن هشام 1: 164، و 165 و 169، الطبقات الكبرى 1: 59 و 108، تاريخ اليعقوبي 2: 10، مروج الذهب 3: 13 | 1459، دلائل النبوة للاصبهاني 1: 196و 197 | 95 و 96، صفة الصفوة 1: 56 و 61 ،ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.
(21) انظر: سيرة ابن هشام 1: 109، و 111 و 114، الطبقات الكبرى 1: 62 و 64، تاريخ اليعقوبي 2: 11، تاريخ الطبري 2: 247 و 252 و 254، الكامل في التاريخ 2: 10 و 16 و 18 و 33، البداية والنهاية 2: 210، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.
(22) انظر: الكافي 4: 149|2، المقنعة: 456، الارشاد 1: 189، التهذيب للطوسي 6: 2، مصباح المتهجد: 732، مناقب ابن شهر آشوب 1: 173، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 281|25.
----------------------------------------------------------------------------


أسمائه صلوات الله عليه وشرف أصله ونسبه

وأمّا أسماؤه وصفاته صلوات الله عليه وآله:

فمنها: ما جاء به التنزيل وهو:

الرسول، النبيّ، الاُمي: في قوله:﴿ الّذين يتّبعون الرّسول النبيّ الامي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التَّوراة والاِِنجيل ﴾ (1).

والمزّمل والمدّثّر: في قوله تعالى:﴿ يا أيّها المُزّمّل ﴾ (2)﴿ يا أيّها المدّثّرُ ﴾ (3).

والنذير المبين: في قوله تعالى:﴿ قُل اِنّي اَنا النَّذيرُ المُبينُ ﴾ (4)

وأحمد: في قوله تعالى: ﴿ وَمُبَشّراً بِرَسُولٍ يأتي مِنْ بَعدي اسمُه أحمد ﴾ (5).

ومحمّد: في قوله تعالى: ﴿ محمّد رَسولُ اللهِ ﴾ (6).

والمصطفى: في قوله تعالى: ﴿ اللهُيَصطفي مِنَ الملائكةِ رُسُلاً وَمِنَ النّاس ﴾ (7).

والكريم: في قوله تعالى: ﴿ إنّهُ لقَولُ رسولٍ كَريمٍ ﴾ (Cool.

وسمّاه سبحانه نوراً: في قوله:﴿ قَد جاءَكُم مِنَ اللهِنورٌ وكِتابٌ مُبينٌ ﴾ (9).

ونعمة: في قوله تعالى:﴿ يَعرِفُونَ نِعمَةَ اللهِثُمّ ينكرُونَها ﴾ (10).

ورحمة: في قوله تعالى:﴿ وَما اَرسلنَكَ إلاّ رَحمةً لِلعالَمينَ ﴾ (11).

وعبداً: في قوله تعالى: ﴿ نَزَّل الفُرقان على عَبِدِه ﴾ (12).

ورؤوفاً رحيماً: في قوله:﴿ بالمُؤمنينَ رَؤفٌ رَحيمٌ ﴾ (13).

وشاهداً، ومبشراً، ونذيراً، وداعياً: في قوله تعالى:﴿ اِنّا اَرسلناكَ شَاهداً ومَبُشَراً ونَذيراً* وَداعياً اِلى الله باذِنِه وَسِراجاً مُنيراً ﴾ (14).

وسمّاه منذراً: في قوله تعالى: ﴿ انما أنت منذر ﴾ (15).

وسماه عبدالله : في قوله تعالى :﴿ وَانّه لمّا قام عَبدُ الله يَدعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيهِ لِبَدا ﴾ (16).

وسمّاه مذكرّاً: في قوله تعالى: ﴿ اِنّما اَنتَ مُذكِّر ﴾ (17).

وسمّاه طه، ويس.

ومنها: ما جاءت به الاَخبار: ذكر محمّد بن إسماعيل البخاري في الصحيح عن جبير عن مطعم قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: «إنّ لي أسماء: أنا محمّد، وأنا أحمد، وأنا الماحي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد» (18).

وقيل: أن الماحي الذي يمحى به سيّئات من اتّبعه.

وفي خبر آخر: المقفّي، ونبيّ التوبة، ونبيّ الملحمة، والخاتم، والغيث، والمتوكّل (19).

وأسماؤه في كتب الله السالفة كثيرة منها: مؤذ مؤذ بالعبرانيّة في التوراة، وفارق في الزّبور (20).

وروى أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة: بإسناده عن الاَعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عبّاس قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إنّ الله عزّ وجل قسّم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسماً، وذلك قوله في: ﴿ وَاَصحابُ اليمين ﴾ (21)﴿ وَاَصحابُ الشّمالِ ﴾ (22)فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثمّ جعل القسمين أثلاثاً، فجعلني في خيرها ثلثاً فذلك قوله: ﴿ فَاَصحابُ الميمنة ﴾ (23) ﴿ وَاَصحابُ المَشئمَة ﴾ (24)﴿ السّابقونَ السّابِقُون ﴾ (25)فأنا من السابقين وأنا خير السابقين، ثمّ جعل الاَثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك قوله:﴿ وَجَعلناكُم شُعُوباً وَقَبائِلَ ﴾ (26)الآية، فأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر، ثمّ جعل القبائل بيوتاً فجعلني في خيرها بيتاً وذلك قوله عزّ وجل: ﴿ اِنّما يُريدُ الله ليُذهبَ عَنكُم الرّجس اَهلَ البَيتِ وَيُطّرِكُم تَطهِيراً ﴾ (27)فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب» (28).

وروى الشيخ أبو عبدالله الحافظ بإسناده ،عن سفيان بن عيينة أنه قال: أحسن بيت قالته العرب قول أبي طالب للنبّي صلّى الله عليه وآله وسلّم:


وشقّ له من اسمه كي يُجلّهُ * فذو العرشِ محمودٌ وهذا محمد (29)


وقال غيره: إنّ هذا البيت لحسّان بن ثابت في قطعة له أوّلها:


ألم تر أنّ الله أرسل عبده * ببرهانه والله أعلى وأمجد (30)



ومن صفاته التي جاءت في الحديث: راكب الجمل، وآكل الذراع، ومحرّم الميتة، وقابل الهديّة، وخاتم النبوّة، وحامل الهراوة، ورسول الرحمة.

ويقال: إنّ كنيته في التوراة أبو الاَرامل، واسمه صاحب الملحمة (31).

وروي أنّه قال صلّى الله عليه وآله وسلّم: «أنا الاَول والآخر، أوّل في النبوّة وآخر في البعثة» (32).


(1) الاَعراف 7: 157.
(2) المزمل 73: 1.
(3) المدثر 74: 1.
(4) الحجر 15: 89.
(5) الصف 61: 6.
(6) الفتح 48: 29.
(7) الحج 22: 75.
(Cool التكوير 81:19.
(9) المائدة 5: 15.
(10) النحل 16: 83.
(11) الاَنبياء 21: 107.
(12) الفرقان 25: 1.
(13) التوبة 9: 128.
(14) الاَحزاب 33: 45 ـ 46.
(15) الرعد 13 : 7.
(16) الجن 72: 19.
(17) الغاشية 88: 21.
(18) صحيح البخاري 4: 225، وكذا في: الموطأ 2: 1004 ، سنن الدارمي2 : 217: صحيح مسلم 4: 1828 | 2354، مسند أحمد 4 : 80، صحيح الترمذي 5: 135 | 2840، دلائل النبوة للبيهقي 1: 152، ونقله المجلسي في بحار الانوار 16: 114 | 43.
(19) مسند أحمد 4: 404، صفة الصفوة 1: 55، الوفا بأحوال المصطفى 1: 104،البداية والنهاية 2: 252 بزيادة ونقصان، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 114|43.
(20) أنظر: مناقب ابن شهر آشوب 1: 151، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 114 | 43.
(21) الواقعة 56: 27.
(22) الواقعة 56: 41.
(23) الواقعة 56: 8.
(24) الواقعة 56: 9.
(25) الواقعة 56: 10.
(26) الحجرات 49: 13.
(27) الاَحزاب 33: 33.
(28) دلائل النبوة للبيهقي 1: 170، نقله المجلسي في بحار الاَنوار 16 :120.
(29) رواره عنه البيهقي في دلائله 1: 161، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.
(30) مناقب ابن شهر آشوب 1: 165، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.
(31) انظر: مناقب ابن شهر آشوب 1: 154، وكشف الغمة 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.
(32) كشف الغمة 1: 13، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 16: 120.

--------------------------------------------------------------------------------


مدة حياته صلّى الله عليه وآله وسلّم


عاش صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاثاً وستين سنة، منها مع أبيه سنتين وأربعة أشهر، ومع جدّه عبدالمطلب ثمان سنين، ثمّ كفّله عمّه أبو طالب بعد وفاة جدّه عبدالمطّلب فكان يكرمه ويحميه وينصره أيّام حياته (1).

وذكر محمّد بن إسحقاق بن يسار: أنّ أباه عبدالله مات واُمّه حبلى، وقيل أيضاً: إنّه مات والنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ابن سبعة أشهر (2)

وذكر ابن إسحقاق قال: قدمت آمنة بنت وهب اُمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم به على أخواله من بني عديّ بن النجّار بالمدينة ثمّ رجعت به حتّى إذا كانت بالاَبواء هلكت بها ورسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ابن ستّ سنين (3).

وروي عن بريدة قال: انتهى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرّك رأسه كالمخاطب ثمّ بكى، فقيل: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: «هذا قبر آمنة بنت وهب استأذنت ربّي في أن أزور قبرها فأذن لي فأدركتني رقّتها فبكيت» فما رأيته ساعة أكثر باكياً من تلك الساعة (4).

وفي خبر آخر: «استأذنت ربي في زيارة قبر اُمّي فأذن لي، فزوروا القبور تذكّركم الموت» رواه مسلم في الصحيح (5).

وتزوّج بخديجة بنت خوليد وهو ابن خمس وعشرين سنة. وتوفّي عمّه أبو طالب وله ستّ وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة وعشرون يوماً. وتوفّيت خديجة بعده بثلاثة أيّام، وسمّى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ذلك العام عام الحزن (6).

وروى هشام بن عروة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «ما زالت قريش كاعّة (7)عنّي حتّى مات أبو طالب» (Cool (9).

وأقام صلّى الله عليه وآله وسلّم بمكّة بعد البعثة ثلاث عشرة سنة، ثمّ هاجر منها إلى المدينة بعد أن استتر في الغار ثلاثة أيّام وقيل: ستّة أيّام، ودخل المدينة يوم الاثنين الحادي عشر من شهر ربيع الاَول وبقي بها عشر سنين.

ثمّ قبض صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الاَثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة (10).

واختلف أهل بيته وأصحابه في موضع دفنه فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «إنّ الله تعالى لم يقبض روح نبيّه إلاّ في أطهر البقاع فينبغي أن يدفن هناك». فأخذوا بقوله ودفنوه في حجرته التي قبض فيها صلّى الله عليه وآله وسلّم (11).


(1) أنظر: كشف الغمة 1: 16، والطبقات الكبرى 1: 119، وتاريخ اليعقوبي 2: 13 و 14، ومروج الذهب 3: 14 | 1460، ودلائل النبوة للاصبهاني 1: 209 | 103 و 104، ودلائل النبوة للبيهقي 1: 188، وصفة الصفوة 1: 65.
(2) انظر: دلائل النبوة للبيهقي 1: 187 ـ 188.
(3) سيرة ابن اسحقاق: 65، دلائل النبوة للبيهقي 1: 188.
(4) الطبقات الكبرى 1: 117، دلائل النبوة للبيهقي 1: 189.
(5) صحيح مسلم 2: 671 | 976.
(6) انظر: كشف الغمة 1: 16، وسيرة ابن هشام 1: 198، والطبقات الكبرى 1: 132، وتاريخ اليعقوبي 2: 20، ومروج الذهب 3: 15 | 1461، وصفة الصفوة1 : 74، والكامل في التاريخ 2: 39.
(7) كاعّة: خائفة وجبانة.
(Cool لم ترد الرواية في نسخة «ط».
(9) كشف الغمة 1: 16، دلائل النبوة للبيهقي 2: 350.
(10) انظر: الكافي 1: 346، كشف الغمة 1: 16، وسيرة ابن هشام 2: 130، وصحيح البخاري 5: 73، وصحيح مسلم 4: 1826 | 2351، وتاريخ الطبري 2: 379، ومروج الذهب 3: 18|1467، وصفة الصفوة 1: 117و 129، والكامل في التاريخ 2: 104 و 106 و 107.
(11) روضة الواعظين : 71 ، مناقب ابن شهر آشوب 1 : 240 ، كشف الغمة 1 : 19.


-----------------------------------------------------------------------------------

آياته الباهرات ومعجزاته الخارقة للعادات

وهذه الآيات: قسمان أحدهما: ما ظهر قبل مبعثه. والآخر: ما ظهر بعد ذلك.

فأمّا ما ظهر قبل الدعوة والمبعث:

فمن ذلك ما استفاض في الحديث: أنّ اُمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لما وضعته رأت نواراً أضاءت له قصور الشام.

وحدّثت هي: أنّها اُتيت حين حملت برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقيل لها : إنّك حملت بسيد هذه الاُمة فإذا وقع على الاَرض فقولي:


اُعيذه بالواحد * من شرّ كلّ حاسد



فإنّ آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسمّيه محمّداً، فإنّ اسمه في التوراة أحمد، يحمده أهل السماء والاَرض، واسمه في الاِنجيل أحمد، يحمده أهل السماء والاَرض، واسمه في الفرقان محمّد. قالت: فسمّيته بذلك (1).

وروى أبو اُمامة قال: قيل: يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: «دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت اُمّي أنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام» (2).

ومن ذلك: ما رواه الاُستاذ أبو سعد الواعظ الزاهد الخركوشي (3)بإسناده عن مخزوم بن أبي المخزومي، عن أبيه وقد أتت عليه مائة وخمسون سنة قال: لمّا كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ارتجس (4) أيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة، ورأى المؤبذان (5)أنّ إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة فانتشرت في بلادها.

فلمّا أصبح كسرى راعه ذلك وأفزعه وتصبّر عليه تشجّعاً، ثمّ رأى أن لا يدّخر ذلك عن وزرائه ومرازبته (6) ،فجمعهم وأخبرهم بما هاله، فبينا هم كذلك إذ أتاه كتاب بخمود نار فارس، فقال المؤبذان: وأنا رأيت رؤيا، وقصّ عليه رؤياه في الاِبل، فقال: أيّ شيء يكون هذا يا مؤبذان، قال: حدث يكون من ناحية العرب.

فكتب كسرى عند ذلك إلى ملك العرب النعمان بن المنذر:

أمّا بعد: فوجّه إليّ برجل عالم بما اُريد أن أسأله عنه.

فوجّه إليه بعبد المسيح بن عمرو بن بقيلة الغسّاني، فلمّا قدم عليه أخبره بما رأى، فقال: علم ذلك عند خال يسكن مشارق الشام، يقال له: سطيح، قال: فاذهب إليه فسله وائتني بتأويل ما عنده.

فنهض عبد المسيح حتّى قدم على سطيح وقد أشفى على الموت، فسلّم فلم يحر جواباً، فأنشأ عبد المسيح أبياتاً فيها ما أراده منه، ففتح سطيح عينيه ثمّ قال: عبد المسيح على جمل مسيح إلى سطيح وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان: لارتجاس الاَيوان، وخمود النيران، ورؤيا المؤبذان، رأى إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادها.

يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة، وظهر صاحب الهراوة، وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات على عدد الشرفات، وكلّ ما هو آت آت، ثمّ قضى سطيح مكانه.

فنهض عبد المسيح وقدم على كسرى وأخبره بما قال سطيح، فقال: إلى أن يملك منّا أربعة عشر ملكاً كانت اُمور، فملك منهم عشرة في أربع سنين والباقون إلى أمارة عثمان (7).

ومن ذلك: ما رواه عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن رجاله قال: كان بمكّة يهوديّ يقال له يوسف، فلمّا رأى النجوم تقذف وتتحرّك ليلة ولد النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: هذا نبيّ قد ولد في هذه الليلة، لاَنّا نجد في كتبنا أنه إذا ولد آخر الاَنبياء رجمت الشاطين وحجبوا عن السماء.

فلمّا أصبح جاء إلى نادي قريش فقال: هل ولد فيكم الليلة مولود؟

قالوا: قد ولد لعبدالله بن عبد المطّلب ابنٌ في هذه الليلة.

قال: فاعرضوه عليّ.

فمشوا إلى باب آمنة، فقالوا لها: اخرجي ابنك، فأخرجته في قماطه، فنظر في عينه، وكشف عن كتفيه فرأى شامة سوداء وعليها شعيرات، فلمّا نظر إليه اليهوديّ وقع إلى الاَرض مغشيّاً عليه، فتعجّبت منه قريش وضحكوا منه، فقال: أتضحكون يا معشر قريش هذا نبيّ السيف ليبيرنّكم، وذهب النبوة عن بني إسرائيل إلى آخر الاَبد، وتفرّق الناس يتحدّثون بخبر اليهودي (Cool.

ومن ذلك: بشارة موسى بن عمران عليه السلام به في التوراة، فلقد حدّثني من أثق به قال: مكتوب في خروج النبي من ولد إسماعيل، وصفته هذه الاَلفاظ: لاشموعيل شمعشخوا هني بيراخت اُوثو هربيث، اُتو هربتي واُتو بمادماد شينم آسور نسيئم وأنا تيتو الكوى كادل.

وتفسيره: إسماعيل قبلت صلاته، وباركت فيه، وأنميته، وكثّرت عدده بولد له اسمه محمّد، يكون اثنين وتسعين في الحساب، ساُخرج اثنا عشر إماماً ملكاً من نسله، واُعطيه قوماً كثير العدد.

ومن ذلك: ما أخبر به الثقة أنه قرأ في الاِنجيل ـ ذكره الشيخ أبو جعفر ابن بابويه رحمه الله في كتاب كمال الدين وتمام النعمة ـ: «إنّي أنا الله الدائم الذي لا أزول، صدّقوا النبيّ الاُميّ صاحب الجمل والمدرعة والتاج ـ وهي العمامة ـ والنعلين والهراوة ـ وهي القضيب ـ الاَكحل العينين، الصلت (9)الجبين، الواضح الخدّين، الاَقنى (10)الاَنف، المفلّج (11)الثنايا، كأنّ عنقه إبريق فضّة، كأنّ الذهب يجري في تراقيه، له شعرات من صدره إلى سرّته، ليس على بطنه وصدره شعر، أسمر اللون، دقيق المسربة (12) ، شثن الكفّ والقدم، إذا التفت التفت جميعاً، وإذا مشى كأنّما ينقلع من صخر وينحدر من صبب، وإذا جاء مع القوم بذّهم، عرقه في وجهه كاللؤلؤ، وريح المسك تنفح منه ، لم ير قبله مثله ولا بعده ، طيّب الريح ، نكّاح للنساء ،ذو النسل القليل، إنّما نسله من مباركة لها بيت في الجنّة، لا صخب فيه ولا نصب، يكفّلها في آخر الزمان كما كفّل زكريّا اُمّك، له فرخان مستشهدان، كلامه القرآن، ودينه الاِسلام وأنا السلام، طوبى لمن أدرك زمانه، وشهد أيّامه وسمع كلامه».

فقال عيسى عليه السلام: «يا ربّ وما طوبى؟».

قال: «شجرة في الجنّة إنّما غرستها بيدي، تظّل الجنان، أصلها من رضوان، ماؤها من تسنيم، برده برد الكافور، وطعمه طعم الزّنجبيل، من يشرب من تلك العين شربة لم يظمأ بعدها أبداً».

فقال عيسى عليه السلام: «اللّهم اسقني منها».

قال: «حرام يا عيسى على النبيّين أن يشربوا منها حتّى يشرب ذلك النّبي، وحرامٌ على الاُمم أن يشربوا منها حتّى تشرب اُمّة ذلك النبيّ، أرفعك إليّ ثم اُهبطك في آخر الزمان لترى من اُمّة ذلك النبيّ العجائب، ولتعينهم على اللعين الدجّال، اُهبطك في وقت الصلاة لتصلّي معهم إنّهم اُمّة مرحومة» (13).

ومن ذلك: حديث سلمان الفارسي وأنّه لم يزل ينتقل من عالم إلى عالم ومن فقيه إلى فقيه، ويبحث عن الاَسرار، ويستدلّ بالاَخبار، وينتظر قيام سيّد الاَولين والآخرين محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم أربعمائة سنة حتّى بُشّر بولادته، فلمّا أيقن بالفرج خرج يريد تهامة فسبي. والخبر في ذلك طويل مذكور في كتاب كمال الدين (14).

ومن ذلك: حديث تّبع الملك وقوله: سيخرج من هذه ـ يعني مكة ـ نبي يكون مهاجره يثرب، وأخذ قوماً من اليمن فأنزلهم مع اليهود بيثرب لينصروه إذا خرج، فهم الاَوس والخزرج.

وفي ذلك يقول تبع:

شـهـدت عـلى أحمد أنه * رسول من الله بارىء النسم
فلو مدّ عمري إلى عمره * لكنت وزيراً له وابن عمّ
وكنت عذاباً على المشركين * وأسقيهم كأس خوف وغـمّ (15)


ومن ذلك: ما رواه أيضاً بإسناده عن عكرمة، عن ابن عبّاس قال: كان يوضع لعبد المطّلب فراش في ظّل الكعبة لا يجلس عليه أحد إجلالاً له، وكان بنوه يجلسون حوله حتّى يخرج عبد المطلب، فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يخرج وهو غلام فيمشي حتّى يجلس على الفراش، فيعظم ذلك على أعمامه ويأخذونه ليؤخّروه، فيقول لهم عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم: دعوا ابني فوالله إنّ له لشأناً عظيماً، إنّي أرى أنّه سيأتي عليكم يوم وهو سيّدكم، إنّي أرى غرّته غرّة تسود النّاس، ثمّ يحمله فيجلسه معه ويمسح ظهره ويقبّله، ويقول: ما رأيت قُبلة أطيب منه ولا أطهر قطّ، ثمّ يلتفت إلى أبي طالب ـ وذلك أنّ أبا طالب وعبدالله لاَُم ـ فيقول: يا أباطالب، إنّ لهذا الغلام لشأناً عظيماً فاحفظه واستمسك به فإنّه فردٌ وحيدٌ، وكن له كالاُم لا يوصل إليه بشيء يكرهه. ثمّ يحمله على عنقه فيطوف به اُسبوعاً، وكان عبد المطلب قد علم أنّه يكره اللات والعزّى فلا يدخله عليهما.

فلمّا تمّت له ستّ سنين ماتت اُمّه آمنة بالاَبواء بين مكّة والمدينة، وكانت قدمت به أخواله من بني عدي، فبقي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يتيماً لا أب له ولا اُمّ، فازداد عبد المطلب له رقّة وحفظاً.

وكانت هذه حاله حتّى أدرك عبد المطّلب الوفاة، فبعث إلى أبي طالب فجاءه ومحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم على صدره وهو في غمرات الموت فصار يبكي ويلتفت إلى أبي طالب ويقول: يا أبا طالب أنظر أن تكون حافظاً لذلك الوحيد الّذي لم يشمّ رائحة أبيه ولا ذاق شفقة اُمّه.

أنظر يا أبا طالب أن يكون من جسدك بمنزلة كبدك، فإنّي قد تركت بنيّ كلّهم ووصيتك به لاَنّك من اُمّ أبيه.

يا أبا طالب إن أدركت أيّامه فاعلم أنّي كنت من أبصر النّاس ومن أعلم الناس به، وإن استطعت أن تتبعه فافعل، وانصره بلسناك ويدك ومالك، فإنّه والله سيسود ويملك ما لم يملك أحدٌ من بني آبائي.

يا أبا طالب ما أعلم أحداً من آبائك مات عنه أبوه على حال أبيه ولا اُمّه على حال اُمّه، فاحفظه لوحدته، هل قبلت وصيّتي؟

قال: نعم قد قبلت والله على ذلك شاهد.

قال عبد المطّلب: فمدّ يدك إليّ.

فمدّ يده إليه فضرب يده على يده، ثمّ قال عبد المطلّب: الآن خفّف عليّ الموت، ثمّ ضمّه إلى صدره ولم يزل يقبّله ويقول: أشهد أنّي لم اُقبّل أحداً من ولدي أطيب ريحاً منك ولا أحسن وجهاً منك. ويتمنّى أن يكون قد بقي حتّى يدرك زمانه. فمات عبد المطلّب وهو ابن ثمان سنين، فضمّه أبو طالب إلى نفسه لا يفارقه ساعة من ليل ولا نهار، وكان ينام معه حتّى بلغ، لا يأتمن عليه أحداً (16).

ومن ذلك: حديث سيف بن ذي يزن، والرواية بذلك مشهورة، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس قال: لمّا ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة ـ وذلك بعد مولود النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بسنتين ـ وفد العرب وأشرافها إليه وفيهم: عبد المطلب بن هاشم واُميّة بن عبد شمس، وعبدالله بن جذعان، وأسد بن خويلد، ووهب بن عبد مناف، وغيرهم من وجوه قريش، فقدموا عليه صنعاء فاستأذنوا وهو في قصر، يُقال له غمدان، وهو الذي يقول فيه اُميّة بن أبي الصلت:


اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفعاً * في رأس غمدان دار منك محلالا



ثمّ ساق الحديث إلى أن قال: فأرسل إلى عبد المطّلب فادنى مجلسه ثمّ قال: يا عبد المطّلب إنّي مفض إليك من سرّ علمي أمراً لو كان غيرك لم أبح به إليه ولكنّي رأيتك معدنه فأطلعتك عليه، فليكن عندك مطويّاً حتّى يأذن الله فيه فإن الله بالغ أمره، إنّي أجد في الكتاب المكنون والعلم المخزون الذي اخترناه لاَنفسنا واُخبرناه دون غيرنا خبراً عظيماً وخطراً جسيماً، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاة، للناس عامّة ولرهطك كافّة، ولك خاصّة.

فقال عبدالمطلب : مثلك أيّها الملك قد سرّ وبرّ فما هو ؟ فداك أهلالوبر زمراً بعد زمر .

فقال: إذ ولد بتهامة غلام بين كتفيه شامّة كانت له الاِمامة ولكم به الزعامة إلى يوم القيامة.

فقال عبد المطّلب: أبيت اللعن، لقذ إبْتُ بخير ما آب بمثله وافد، ولولا هيبة الملك وإجلاله وإعظامه لسألته من أسراره ما أزداد به سروراً.

فقال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد فيه، اسمه محمد، يموت أبوه واُمّه ويكفله جدّه وعمّه، وقد ولد سراراً، والله باعثه جهاراً، وجاعل له منّا أنصاراً، يعزّ بهم أولياءه ويذلّ بهم أعداءه، يضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم الاَرض ، يكسّر الاَوثان، ويخمد النيران، ويعبد الرحمن، ويدحر الشيطان، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.

فقال عبد المطّلب: أيّها الملك عزّ جدّك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك، فهل الملك سارّي بإفصاح فقد أوضح لي بعض الاِيضاح؟

فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النصب، إنّك يا عبد المطّلب لجدّه غير كذب.

قال: فخرّ عبد المطلب ساجداً، فقال له: إرفع رأسك ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئاً ممّا ذكرته؟

فقال: كان لي ابن وكنت به معجباً وعليه رفيقاً، فزوّجته كريمة من كرائم قومي آمنة بنت وهب، فجاءت بغلام فسمّيته محمّداً، مات أبوه وامّه وكفّلته عمّه.

قال ابن ذي يزن: إنّ الذي قلت لك كما قلت لك، فاحتفظ بابنك، واحذر عليه اليهود فإنّهم له أعداد ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرّهط الذي معك فإنّي لست آمن أن تدخلهم النّفاسة من أن تكون له الرّئاسة، فيطلون له الغوائل وينصبون له الحبائل، وإنهم فاعلون ذلك أو أبناؤهم غير شكّ، ولولا أنّي أعلم أنّ الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتّى أصير بيثرب دار ملكه، فإنّي أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أنّ يثرب دار ملكه، فيها استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره، ولولا أنّي أخاف فيه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لاَعلنت على حداثة سنّه أمره في هذا الوقت ، ولأوطأت أسنان العرب عقبه ، ولكنّي سأصرف ذلك إليك عن غير تقصير منّي بمن معك.

قال: ثمّ أمر لكلّ رجل من القوم بعشرة أعبد وعشر إماء وحلّتين من البرود ومائة من الاِبل وخمسة أرطال ذهب وعشرة أرطال فضّة وكرش مملوءة عنبراً.

قال: وأمر لعبد المطّلب بعشرة أضعاف ذلك، وقال: إذا حال الحول فائتني. فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول.

قال: فكان عبد المطّلب كثيراً ما يقول: يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك وإن كثر فإنّه إلى نفاد، ولكن يغبطني بما يبقى لي ولعقبي من بعدي ذكره وفخره وشرفه، فإذا قيل: وما هو؟

قال: ستعلمنّ نبأ ما أقول ولو بعد حين (17).

وقد روى هذا الحديث الشّيخ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في كتاب دلائل النبوّة من طريقين (18).

ومن ذلك: حديث بحيراء الراهب، فقد أورد محمّد بن إسحاق بن يسار قال: إنّ أباطالب خرج في ركب إلى الشام تاجراً، فلمّا تهيّأللرحيل وأجمع السير انتصب له رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخذ بزمام ناقته وقال: «يا عمّ إلى من تكلني لا أب لي ولا اُمّ لي؟».

فرقّ له أبو طالب فقال: والله لاَخرجنّ به معي ولا يفارقني ولا اُفارقه أبداً. فخرج وهو معه.

فلمّا نزل الركب بصرى من أرض الشام وبها راهب يقال له بحيراء في صومعة له، وكان أعلم أهل النصرانية، وكان كثيراً ما يمرّون به قبل ذلك لا يكلّمهم ولا يعرض لهم، فلمّا نزلوا ذلك العام قريباً من صومعته صنع لهم طعاماً، وذلك فيما يزعمون عن شيء رآه وهو في صومعته في الركب حين أقبلوا وغمامة بيضاء تظلّه من بين القوم، ثمّ أقبلوا حتّى نزلوا بظلّ شجرة قريباً منه، فنظر إلى الغمامة حتّى أظلّت الشجرة، وتهصّرت (19)أغصان الشجرة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتّى استظلّ تحتها، فلمّا رأى ذلك بحيراء نزل من صومعته ـ وقد أمر بذلك الطعام فصنع ـ ثمّ أرسل إليهم فقال: إنّي صنعت لكم طعاماً يا معشر قريش وإنّي اُحبّ أن تحضروا كلّكم صغيركم وكبيركم، وحرّكم وعبدكم.

فقال له رجل منهم: يا بحيراء إنّ لك اليوم لشأناً، ما كنت تصنع لنا هذا الطعام وقد كنّا نمرّ بك كثيراً، فما شأنك اليوم؟

فقال له بحيراء: صدقت قد كان ما تقول، ولكنّكم ضيفٌ، وقد أحببت أن اُكرمكم وأصنع لكم طعاماً تأكلون منه كلّكم.

فاجتمعوا إليه وتخلّف رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم من بين القوم لحداثة سنّه في رحال القوم تحت الشجرة، فلمّا رأى بحيراء القوم لم يجد الصفة التي يعرف فقال: يا معشر قريش لا يتخلّف أحد منكم عن طعامي هذا.

قالوا له: ما تخلّف عنّا أحد ينبغي له أن يأتيك إلاّ غلامٌ هو أحدث القوم سنّاً تخلّف في رحالهم.

قال: فلا تفعلوا، اُدعوه حتّى يحضر هذا الطعام معكم.

فقال رجل من قريش مع القوم: واللات والعزّى إنّ هذا اللوم بنا أن يتخلّف ابن عبد المطّلب عن الطعام من بيننا.

قال: ثمّ قام إليه فاحتضنه ثمّ أقبل به حتّى أجلسه مع القوم، فلمّا رآه بحيراء جعل يلحظه لحظاً شديداً وينظر إلى أشياء من جسده قد يجدها عنده في صفته، حتّى إذا فرغ القوم من الطعام وتفرّقوا قام بحيراء فقال له: يا غلام أسألك باللات والعزّى إلاّ أخبرتني عمّا أسألك عنه، وإنّما قال ذلك بحيراء لاَنّه سمع قومه يحلفون بهما.

فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: لا تسألني باللات والعزّى، فوالله ما أبغضت كبغضهما شيئاً قطّ.

فقال بحيراء: فوالله إلاّ أخبرتني عمّا أسألك.

فقال: سلني عمّا بدا لك.

فجعل يسأله عن أشياء من حاله من (1)نومه وهيئته واُموره، فجعل رسول الله صلّى عليه وآله وسلّم يخبره فيوافق ذلك ما عند بحيراء من صفته، ثمّ نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده.

قال: لمّا فرغ منه أقبل على عمّه أبي طالب فقال: ما هذا الغلام منك؟

قال: ابني.

قال بحيراء: وما هو بابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيّاً.

قال: فإنّه ابن أخي.

قال: فما فعل أبوه؟

قال: مات واُمّه حبلى به.

قال: صدقت ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت منه ليبغيّنة شرّاً، فإنّه كائن لابن أخيك هذا شأن فاسرع به إلى بلده.

فخرج به عمّه أبو طالب سريعاً حتّى أقدمه مكّة حين فرغ من تجارته بالشام.

فزعموا أنّ نفراً من أهل الكتاب قد كانوا رأوا من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك السفر الذي كان فيه مع عمّه أبي طالب أشياء فأرادوه فردّهم عنه بحيراء وذكّرهم الله وما يجدون في الكتاب من ذكره وصفته وأنّهم إن أجمعوا بما أرادوه لم يخلصوا إليه، ولم يزل بهم حتّى عرفوا ما قال لهم وصدّقوه بما قال وتركوه وانصرفوا (20).

وفي ذلك يقول أبو طالب في قصيدته الدالية ـ أوردها محمّد بن إسحاق بن يسارـ:


إنّ ابن آمنــــة (الـنـبي) (21) محمّداً * عندي بـمـــثــــل منـــازل الاَولادِ
لمـّا تعـلـّـق بالـزّمامِ رحـمـتــهُ * والعيشُ قـــد (قـــــلصن) (22) بالاَزوادِ
(فــارفضِّ) (23) من عـينيّ دمعٌ ذارفٌ * مثل الجـمــانِ مــفرّد الاَفـــــــرادِ
راعــــيتُ فـــيه قرابة موصولة * وحفظتُ فـــيه وصــيــّة الاَجــــدادِ
وأمــرتـه بـالـسيـرِ بـين عمومةٍ * بــيــضُ الوجــــوِه مصالت أنجـــادِ
ســــاروا لاَبـعـد طيــّة معلومةٍ * ولـقـد تــبــاعــــد طـيــّة المرتادِ
حـتى إذا مــا الـقوم بُصرى عاينوا * لا قـــــوا على شرفٍ من الـمــرصـادِ
حـــبـراً فـأخـبرهم حديـثاً صادقاً * عــنـه وردّ مـعــاشـــر الحـسـّـادِ
قـــوماً يهـوداً قـد رأوا ما قد رأى * ظـــــلّ (الغمــام وغــرّ ذا الاكبادِ) (24)
(سـاروا) (25) لـقـتـل مـحـمّدٍ فنهاهم * عـنـه وأجـهـد أحـسـن الاِجهاد (26) (27)


وأمثال ماذكرناه كثيرة.




وأمّا ما ظهر منه صلوات الله عليه وآله عقيب البعث وإظهار النبوّة من الآيات والمعجزات فضربان:



أحدهما: هذا القرآن الذي أنزله الله سبحانه عليه وأيّده به.

والآخر: غيره من المعجزات.

فوجه الاستدلال من القرآن: أنّ كلّ عاقل سمع الاَخبار وخالط أهلها قد علم ظهور نبيّنا عليه وآله السلام وادّعاءه الرسالة من الله إلينا، وأنّه تحدّى العرب بهذا القرآن الذي ظهر على يده وادعى انه اختصه الله به، وان العرب مع تطاول الاَزمان لم يعارضوه، إذا ثبت ما ذكرناه، وعلمنا أنهم إنما لم يعارضوه لتعذّر المعارضة عليهم فهذا التعذّر معجز خارق للعادة.

فأمّا الذي يدلّ على أنّه عليه السلام تحدّى بالقرآن فهو أنّ المراد بالتحدّي أنّه كان يدّعي أنّ جبرئيل يهبط عليه بذلك، وأنّ الله سبحانه قد أبانه به، وهذا معلوم ضرورة وهو غاية التحدّي في المعنى.

وأيضاً: فأنّ آيات القرآن صريحة في التحدّي وهي قوله تعالى:﴿ فأتوا بِعَشرِ سُورٍ مِثِلِه ﴾ (28)وفي موضع آخر:﴿ فأتوا بِسورَةٍ مِن مِثِله ﴾ (29)

وأمّا الذي يدلّ على انتفاء المعارضة منهم فهو أنّه لو وقعت المعارضة لوجب ظهورها ونقلها، فإذا لم تنقل وجب القطع على انتفائها، وإنّما قلنا ذلك لاَنّ جميع ما يقتضي نقل القرآن من قوّة الدواعي وشدّة الحاجة وقرب العهد ثابتٌ في المعارضة، بل المعارضة تزيد عليه، لاَنّها كانت تكون الحجّة والقرآن شبهة، ونقل الحجّة أولى من نقل الشبهة، وكيف لا تنقل المعارضة لو كانت وقد نقلوا كلام مسيلمة مع ركاكته وبعده عن الشبهة.

فإنّ ادّعي ان المانع من النقل هو الخوف من أهل الاِسلام وقد بلغوا من الكثرة إلى حدّ يخاف من مثلهم.

فجوابه: أنّ الخوف لا يقتضي انقطاع النقل على كلّ وجه، وإنّما يمنع من التظاهر به.

ألا ترى أنّ فضائل أمير المؤمنين عليه السلام قد نقلت ولم ينقطع النقل بها مع الخوف الشديد من بني اُميّة والرهبة من التظاهر بها، وكان يجب أن ينقل ذلك أعدادالاِسلام أو يكون نقلاً مكتوماً فيما بينهم.

وأيضاً فإنّ الكثرة في الاِسلام كانت بعد الهجرة، فكان يجب نقل المعارضة قبل ذلك في مدّة مقامه بمكّة، وإذا نقلت وانتشرت لم تكن قوّة الاِسلام موجبة بعد ذلك لخفائها إلاّ أن يدعى أنّ المعارضة لم تقع في تلك المدّة وإنّما وقعت بعد الهجرة ، وفي ذلك كفاية في إعجاز القرآن وثبوت خرق العادة به.

على أنّ الاِسلام وإن قوي حينئذٍ بالمدينة، فقد كانت لاَهل الكفر ممالك كثيرة وبلاد واسعة، ومملكة الفرس كانت ثابتة لم يزل، وممالك الروم وغيرها من البلاد إلى هذه الغاية عريضة، فكان يجب ظهور المعارضة في هذه البلاد.

وأمّا الذي يدّل على أنّ انتفاء المعارضة كان للتعذّر إنّا قد علمنا أنّ كلّ فعل يرتفع من فاعله مع توفّر دواعيه إليه وقوّة بواعثه عليه فإنّه يدلّ على تعذّره، فإذا ثبت ذلك وعلمنا أنّ العرب تُحدّوا بالقرآن ولم يعارضوه مع شدّة حاجتهم إلى المعارضة وقوّة دواعيهم، علمنا أنّها متعذّرة عليهم، فإذا انضاف إلى ذلك أنّهم قد تكلّفوا الاُمور الشاقّة من الحرب وغيره ممّا لو بلغوا غاية مرادهم فيه لم يكن لهم بذلك حجّة، اتّضح الاَمر في أنّهم قد تعذّرت المعارضة عليهم، هذا وقد دعاهم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إلى المعارضة وهم ذوو الأنفة والحميّة، وطالبهم بالرجوع عن دياناتهم، والنزول عن رئاستهم، والبراءة من آبائهم وأسلافهم وأبنائهم، ومجاهدة من خالف دينه وإن كان من أنسابهم وأقربائهم، وعلموا أنّ بالمعارضة يزول ذلك كلّه ويبطل، فأيّ داع أقوى من هذا؟ وكيف لا يكونون مدعوّين إليها وقد تحمّلوا ضروباً من الكلف والمشاقّ كالمحاربة وبذل الاَموال ونظم الهجاء، مع أنّ كلّ ذلك لا يغني، فلو تيسّرت لهم المعارضة لبادروا إليها، إذ كانت أسهل ممّا تكلّفوه وتحمّلوه وأحسم للمادّة من كلّ ما فعلوه.

وأمّا الذي يدلّ على أنّ تعذّر المعارضة كان على وجه الاِعجاز هو أنّ ما يمكن أن يدّعى في ذلك أن يقال أنّه عليه السلام كان أفصحهم فتأتّى له ما لم يتأت لهم، أو يقال: إنّه تعمّل زماناً لم يكن طويلاً فلم يتمكّنوا مع قصر الزمان من معارضته، فإذا بطل هذان الوجهان لم يبق إلا أنّ هذا التعذّر غير معهود، فهو خارق للعادة.

والذي يدلّ على فساد الوجه الاَول: أنّ المطلوب في المعارضة ما يقارب الفصاحة، والاَفصح يقاربه في كلامه وفصاحته من هو دون طبقته، فإذا لم يماثلوه ولم يقاربوه فقد انتقضت العادة، وأيضاً فإنّ الاَفصح إنّما تمتنع مساواته ومجاراته في جميع كلامه أو أكثره وليس تمتنع مجاراته ومساواته في البعض منه على من هو دون طبقته، بهذا جرت العادة، ولهذا فقد ساوت الطبقة المتأخّرة من الشعراء الطبقة المتقدمة منهم في البيت والاَبيات، وربما زادوا عليهم في القليل، وإذاكان التحدّي وقع بصورة قصيرة من عرض القرآن فكونه أفصح لا يمنع من مساواته في هذا القدر اليسير، وأيضاً فليس يظهر من كلامه عليه السلام فصارحة تزيد على فصاحة غيره من القوم، ولو كان أفصحهم وكان القرآن من كلامه لظهرت المزيّة في كلامه على كلّ كلام في الفصاحة كما ظهرت مزيّة القرآن.

وأمّا الذي يدلّ على فساد الوجه الثاني ـ وهو إنّه تعمّل زماناً طويلاً ـ: فهو أنّه كان ينبغي أن يتعمّلوا مثله فيعارضوه به مع امتداد الزّمان، فإذا ثبت أنّ التعذّر خارق للعادة فلابدّ من أحد أمرين: إمّا أن يكون القرآن نفسه خرف العادة بفصاحته فلذلك لم يعارضوه ، وإمّا أن يكون الله تعالى صرفهمعن معارضته ولولا الصرف لعارضوه ، وأيّ الاَمرين كان ثبتت معه صحّة النبوّة، لاَنّ الله تعالى لا يصدق كاذباً، ولا يخرق العادة لمبطل، ولو ذهبنا نَصِفُ ما سطَّره المتكلّمون في هذا الباب من الكلام وما فيه من السؤال والجواب لطال به الكتاب، وفيما ذكرنا ههنا مقنع وكفاية لذوي الاَلباب.


(1) انظر: كشف الغمة 1: 20، وسيرة ابن هشام 1: 166، وتاريخ الطبري 2: 156، ودلائل النبوة للبيهقي 1: 82 و 83، والكامل في التاريخ 1: 458.
(2) مسند الطيالسي: 155|1140، الطبقات الكبرى 1: 102، مسند أحمد 5: 262، تاريخ الطبري 2: 165، دلائل النبوة للبيهقي 1: 84.
(3) الخركوشي: هو أبو سعد عبدالملك بن محمّد النيشابوري الحافظ الواعظ صاحب كتاب «شرف المصطفى». قال عنه السمعاني في الانساب: الخركوشي بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء وضم الكاف وفي آخرها الشين، هذه النسبة إلى خركوش وهي سكة بنيسابور كبيرة كان بها جماعة من المشاهير مثل أبي سعد عبد الملك بن أبي عثمان محمد بن إبراهيم الخركوشي، الزاهد الواعظ، أحد المشهورين بأعمال البر والخير، وكان عالماً زاهداً فاضلاً، رحل إلى العراق والحجاز وديار مصر، وأدرك العلماء والشيوخ، وصنّف التصانيف المفيدة ـ إلى أن قال ـ: وجاور حرم الله مكة، ثم عاد إلى وطنه نيشابور، ولزم منزله، وبذل النفس والمال للمستورين من الغرباء والفقراء المنقطعين منهم، وبنى داراً للمرضى بعد أن خربت الدور القديمة لهم، ووكَّل جماعة من أصحابه لتمريضهم وحمل مياههم، وكانت وفاته في سنة 406 هـ بنيشابور.
انظر: الكنى والاَلقاب 2: 183، الانساب 5: 93.
(4) ارتجس: اضطرب وتحرك حركة سُمع لها صوت «لسان العرب 6: 95».
(5) المؤبذان (بضم الميم وفتح الباء): فقيه الفرس وحاكم المجوس. «القاموس المحيط 1: 360».
(6) المرزبة: كمرحلة، رئاسة الفُرس، وهو مرزبانهم أي أميرهم ورئيسهم. «انظر: القاموس المحيط 1: 73».
(7) كمال الدين: 191|38، تاريخ اليعقوبي 2: 8،تاريخ الطبري 2: 166 ـ 168، دلائل النبوة للاصبهاني 1: 174 ـ 177، دلائل النبوة للبيهقي 1: 126 ـ 129، الوفا بأحوال المصطفى 1: 97 ـ 100، وفيها باختلاف يسير.
(Cool تفسير القمي 1:373 و 374، كمال الدين: 97، وفيه باختلاف يسير.
(9) الصلت: الواضح. «لسان العرب 2 : 53».
(10) القنا: احديداب في الاَنف، يقال رجل أقنى الاَنف وامرأة قنواء. «الصحاح ـ قنا ـ 6: 2469».
(11) المفلّج: الفلج في الأسنان: تباعد ما بين الثنايا والرباعيات. «العين 6: 127».
(12) المسربة: شعرات تنبت في وسط الصدر إلى أصل السرة. «العين 7: 249».
(13) كمال الدين: 159|18.
(14) كمال الدين: 161|21.
(15) كمال الدين: 170.
(16) كمال الدين: 171|28.
(17) كمال الدين: 176|34، كنز الفوائد 1: 187، دلائل النبوة للاصبهاني 1: 114، الوفا بأحوال المصطفى 1: 125، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 15: 191|11.
(18) دلائل النبوة للبيهقي 2: 9.
(19) تهصّرت: أي تدلّت عليه أغصانها. «انظر: النهاية 5: 264».
(20) سيرة ابن اسحاق: 73، وانظر كذلك: كمال الدين: 183|35، الخرائج والجرائح 1: 71|130، سيرة ابن هشام 1: 191، دلائل النبوة للبيهقي 2: 27، تأريخ الطبري 2: 277، دلائل النبوة للاصبهاني 1: 211|108.
(21) كذا في نسخنا، وفي ديوان شيخ الاباطح، وكتاب شعر ابي طالب: الامين، وهي الصواب، لان رسول الله صلّى الله عليه وآله كان لم يبعث بعد حين قال أبو طالب رحمه الله تعالى هذا الشعر.
كما ان هذا البيت برواية ابي هفان ورد هكذا:

ان الامين محمّداً في قومه * عندي يفوق منازل الاولاد

(22) قلصن: ارتفعن ونهضن للمسير «انظر: لسان العرب 7: 81».
(23)ارفضّ: سال وتفرّق. «اُنظر: لسان العرب 7: 81».
(24) كذا في نسخنا وفي سيرة ابن اسحاق: وغرّ ذي الاكياد، إلاّ أن الصواب ما ورد في ديوان شيخ الاباطح، وشعر أبي طالب لابي هفان حيث ورد بهذا الشكل: ظل الغمامة ناغري الاكباد، لوضوح العبارة وصحة كلماتها، فالرواية المعروفة تذكر بان غمامة واحدة كانت تظل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو منطقي ومعقول، فالفرد الواحد تكفيه غمامة واحدة، فما جدوى أكثر منها، ومن تظل.
ثمّ ان باقي الكلام الوارد في العجز اعلاه لا معنى له عكس ما جاء في الديوانين لانه يوفي بالغرض الذي جاء من أجله.
فالنغر شدة الغيظ، وحيث يقال للرجل الذي يغلي جوفه من الغيظ رجل ناغر «اُنظر: الصحاح ـ نغرـ 2: 833» أي ان اليهود لعنهم الله تعالى كانوا ينظرون إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والغمامة تظله واجوافهم تضطرم غيظاً وغضباً.
(25) في الديوانين: ثاروا، وفي سيرة ابن اسحاق كما في كتابنا.
(26) في الديوانين: التجهاد، وفي سيرة ابن اسحاق موافق لما في كتابنا.
(27) اُنظر: سيرة ابن اسحاق: 76، شعر ابن طالب وأخباره: 63، ديوان شيخ الاباطح: 33.
(28) هود 11: 13.
(29) البقرة 2: 23.
__________________
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://szfh.hooxs.com
 
رسول الله محمد بن عبدالله (ص)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» وصايا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عند وفاته
» الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآل وسلم
» الإمام محمد بن علي الجواد (ع)
» الإمام علي بن محمد الهادي (ع)
» من سأل الله بحق فاطمة كان حقاً على الله الأجابه له ..!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشوقـآت :: القسم الإسلامي :: ركن أهل البيت عليهم السلام-
انتقل الى: