منتدى عشوقـآت
اللهم صل على محمد وآل محمد
منتدى أنصار الامام المهدي(ع) يرحب بكم
هنا نلتقِي لنجدد العهد لمولاناالقائِم المنتظر،
حيـآكم معنا ..
لآنريدكَ ضيفا بل من اهل الدآر الولائية
منتدى عشوقـآت
اللهم صل على محمد وآل محمد
منتدى أنصار الامام المهدي(ع) يرحب بكم
هنا نلتقِي لنجدد العهد لمولاناالقائِم المنتظر،
حيـآكم معنا ..
لآنريدكَ ضيفا بل من اهل الدآر الولائية
منتدى عشوقـآت
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى عشوقـآت

عبق الولاية الحيدرية ،وحرارة الانتظار المهدوية ،والنفحات الالهية ....
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
عزيزتي الغاليه: حينما يسدل ظلام الليل وتظهر نجومه المتلأله وتسكن النفوس وتغمض العيون انهضي من فراشك قائلة ((اللهم قدرني على طاعتك فما أبتغي غير رضاك ربي... ثم قومي من فراشك وتوضأي وصلي صلاة الليل هالله هالله في صلاة الليل وصيتي لكم فهي تجعلك هالة من نور لم يستطع المصباح ان يوازي جمالك ولا القمر ان ينظر اليك لانه خجلا منك..!! دعواتكم مديرتكم وخادمتكم: عشووقه
مطلووب مشرفاات للأقساام
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عظم الله لكم الاجر باستشهاد سيد الشهداء ابا عبدالله الحسين ارواحنا له الفداء
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» خااااااص بنات ثانوي فقط
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالسبت مارس 10, 2012 11:14 pm من طرف عشوقه

» \\//\\**أهم القوانـــــــين .. يجب الأطلاع قبل وضع اي روايـه **//\\//
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالخميس يونيو 23, 2011 8:44 am من طرف عشوقه

» رواية قصيره عن عبد العزيز
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالخميس مارس 24, 2011 9:49 pm من طرف عشوقه

» اكسوارات
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالثلاثاء فبراير 15, 2011 2:30 am من طرف توأم القمر

» ملابس شتاء 2010
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالثلاثاء فبراير 15, 2011 2:27 am من طرف توأم القمر

» روايه روعة البنات
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:12 am من طرف توأم القمر

» روايه روعه البنات 2
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:08 am من طرف توأم القمر

» رواية روعة بنات الثانويه
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالثلاثاء فبراير 01, 2011 3:06 am من طرف توأم القمر

» ملخص مادة الكيمياء اول ثنوي مطور
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالأحد يناير 16, 2011 11:38 pm من طرف مكسورة الخاطر

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الصفحة الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 ابحـث
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
عشوقه
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
عاشقه الزهراء
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
عاشقة الحوراء
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
توأم القمر
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
دمعة مشتاقه
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
M&M's
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
مكسورة الخاطر
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
بنت الزهراء
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
moon
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
MaCnTooSHa
الإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_rcapالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_voting_barالإمام علي بن موسى الرضا (ع) I_vote_lcap 
سحابة الكلمات الدلالية
نوفمبر 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
    123
45678910
11121314151617
18192021222324
252627282930 
اليوميةاليومية
تصويت

 

 الإمام علي بن موسى الرضا (ع)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عشوقه
Admin
Admin
عشوقه


انثى
عدد المساهمات : 360
نقاط : 1613
6
تاريخ الميلاد : 12/08/1994
تاريخ التسجيل : 25/12/2009
العمر : 30
الموقع : في قلب من أحـــــــــب
وسام التميز
الادارة

الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Empty
مُساهمةموضوع: الإمام علي بن موسى الرضا (ع)   الإمام علي بن موسى الرضا (ع) Emptyالأربعاء ديسمبر 30, 2009 6:27 pm

[size=24] تاريخ مولده ، ومبلغ سنه ، ووقت وفاته
ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين ومائة من الهجرة (1) . ويقال : إنّه ولد لإِحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة يوم الجمعة سنة ثلاث وخمسين ومائة ، بعد وفاة أبي عبدالله عليه السلام بخمس سنين ، رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه (2) . وقيل : يوم الخميس (3) .

وأمّه اُمّ ولد يقال لها : اُمّ البنين (4) ، واسمها نجمة (5) . ويقال : سكن النوبية (6) . ويقال : تكتم (7) .

روى الصولي عن عون بن محمد قال : سمعت عليّ بن ميثم قال : اشترت حميدة المصفّاة ـ وهي اُمّ أبي الحسن موسى عليه السلام وكانت من أشراف العجم ـ جارية مولّدة اسمها تكتم ، فكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة ، حتّى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالالها ، فقالت لابنها موسى عليه السلام : يابني ، إنّ تكتم جارية ما رأيت جارية قطّ أفضل منها ، ولست أشكّ أنّ الله سيظهر نسلها إن كان لها نسلٌ ، وقد وهبتها لك ، فاستوص بها خيراً (Cool

ومما يدلّ على أنّ إسمها تكتم قول الشاعر يمدح الرضا عليه السلام :

ألا إنّ خير الناسِ نفساً ووالداً * ورهطاً وأجداداً عليّ المعظّم
أتتنا بهِ للعلم والحلمِ ثامناً * إماماً يؤدّي حـجّةَ اللهِتكتم (9)



وفي رواية اُخرى : عن عليّ بن ميثم ، عن أبيه قال : إنّ حميدة اُمّ موسى بن جعفر عليهما السلام لما اشترت نجمة رأت في المنام رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول لها :« يا حميدة ، هبي نجمة لابنك موسى ، فإنّه سيلد منها خير أهل الأَرض» فوهبتها له ، فلمّا ولدت له الرضا سمّاها الطاهرة (10) .

وقبض عليه السلام بطوس من خراسان في قرية يقال لها : سناباذ في آخر صفر .

وقيل : انّه توفّي في شهر رمضان لسبع بقين منه يوم الجمعة من سنة ثلاث ومائتين ، وله يومئذ خمس وخمسون سنة .

وكانت مدّة إمامته وخلافته لأَبيه عشرين سنة ، وكانت في أيّام إمامته بقيّة ملك الرشيد ، وملك محمد الأَمين بعده ثلاث سنين وخمسة وعشرين يوماً ، ثمّ خلع الأَمين واُجلس عمّه إبراهيم بن المهدي المعروف بابن شكلة أربعة عشر يوماً ، ثمّ اُخرج محمد ثانية وبويع له وبقي بعد ذلك سنة وسبعة أشهر وقتله طاهر بن الحسين ، ثمّ ملك المأمون عبدالله بن هارون الخلافة بعده عشرين سنة ، واستشهد عليه السلام في أيّام ملكه (11) .

وإنّما سمّي عليه السلام الرضا لأَنّه كان رضي الله عزّ وجلّ في سمائه ورضي لرسوله والأَئمة عليهم السلام بعده في أرضه . وقيل : لاَنّه رضي به المخالف والموافق (12)


(1) الكافي 1 : 406 ، ارشاد المفيد 2 : 247 ، تاج المواليد (مجموعة نفيسة) 124 ، الفصول المهمة : 244 ، ونقله المجلسي في بحار الأَنوار 49 : 3|4
(2) في عيون الاخيار 1 : 18 المطبوع ذكر ذلك باختلاف فيه ، ولكن الشيخ الجزائري في لوامع الانوار (مخطوط) اشار الى ان في جملة من نسخ العيون موافق لما عندنا اعلاه .
(3) تاج المواليد (مجموعة نفيسة) : 124 .
(4) الكافي 1 : 406 ، ارشاد المفيد 2 : 247 ، الهداية الكبرى : 279 .
(5) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 16 .
(6) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 16 .
(7) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 14|1 ، دلائل الامامة : 176 .
(Cool عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 14| 2 ، كشف الغمة 2 : 311 .
(9) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 15 | ذيل حديث 2 ، كشف الغمة 2 : 312 .
(10) عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 16| 3 ، كشف الغمة 2 : 312 .
(11) انظر : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 18|1 ، ارشاد المفيد 2 : 247 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 367 ، كشف الغمة 2 : 297 ، و 312 ، الفصول المهمة : 264 ، ونقله المجلسي في بحار الأَنوار 46 : 3|4 .
(12) انظر : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 18|1 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 367 ، كشف الغمة 2 : 312 .
-------------------------------------------------------------------------------

الدلائل على إمامته عليه السلام

أجمع أصحاب أبيه أبي الحسن موسى عليه السلام على أنّه نصّ عليه وأشار بالإِمامة إليه ، إلاّ من شذّ عنهم من الواقفة المسمّين (الممطورة) والسبب الظاهر في ذلك طمعهم فيما كان في أيديهم من الأَموال المجباة إليهم في مدّة حبس أبي الحسن موسى عليه السلام وما كان عندهم من ودائعه ، فحملهم ذلك على إنكار وفاته وادّعاء حياته ، ودفع خليفته بعده عن الإِمامة ، وإنكار النصّ عليه ليذهبوا بما في أيديهم ممّا وجب عليهم أن يسلّموه إليه ، ومن كان هذا سبيله بطل الاعتراض بمقاله هذا ، وقد ثبت أنّ الإِنكار لا يقابل الإِقرار ، فثبت النصّ المنقول وفسد قولهم المخالف للمعقول ، على أنّهم قد انقرضوا ولله الحمد فلا يوجد منهم ديّار .

فأمّا النصوص الواردة ، عن أبيه عليه :

فمن ذلك : ما رواه محمد بن يعقوب ، عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن الحسين بن نعيم الصّحاف قال : كنت أنا وهشام بن الحكم وعليّ بن يقطين ببغداد ، فقال عليّ بن يقطين : كنت عند العبد الصالح جالساً فدخل عليه ابنه عليّ فقالى لي : «يا عليّ بن يقطين ، هذا عليّ سيّد ولدي ، أما إنّي قد نحلته كنيتي» .

قال : فضرب هشام بن الحكم جبهته براحته وقال : ويحك كيف قلت؟ فقال عليّ بن يقطين : سمعته والله منه كما قلت .
قال هشام : إنّ الأَمر فيه من بعده (1) .

وعنه ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن محمد بن سنان وإسماعيل بن عباد القصري جميعاً ، عن داود الرقّي قال : قلت لإَبي إبراهيم عليه السلام : جعلت فداك ، إنّه قد كبر سني فخذ بيدي وأنقذني من النار ، مَنْ صاحبنا بعدك؟

قال : فأشار إلى ابنه أبي الحسن علي الرضا عليه السلام فقال : «هذا صاحبكم من بعدي» (2) .

وعنه ، عن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن معاوية بن حكيم ، عن نعيم القابوسي ، عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال : «إبني عليّ أكبر ولدي ، وآثرهم عندي ، وأحبّهم إلي ، وهو ينظر معي في الجفر ولم ينظر فيه إلاّ نبي أو وصيّ نبيّ» (3) .

وعنه ، عن الحسين بن محمد ، عن معلّى بن محمد ، عن أحمد بن محمد بن عبدالله ، عن الحسن ، عن ابن أبي عمير ، عن محمد بن إسحاق ابن عمّار قال : قلت لإَبي الحسن الأَول عليه السلام : ألا تدلّني على من آخذ ديني عنه؟


فقال : «هذا ابني عليّ ، إنْ أبي أخذ بيدي فادخلني إلى قبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال : يا بني إنّ الله عزّ وجلّ قال :﴿ اِنّي جاعِلٌ في الأَرضِ خليفةً ﴾ (4) وإنّ الله تعالى إذا قال قولاً وفى به» (5) .

وعنه ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن زياد بن مروان القنديّ ـ وكان من الواقفة ـ قال : دخلت على أبي إبراهيم عليه السلام وعنده ابنه أبوالحسن فقال : «يا زياد ، هذا ابني كتابه كتابي ، وكلامه كلامي ، ورسوله رسولي ، وما قال فالقول قوله» (6) .

وعنه ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن محمد بن الفضيل قال : حدّثني المخزوميّ ـ وكانت اُمّه من ولد جعفر بن أبي طالب ـ قال : بعث إلينا أبو الحسن موسى عليه السلام فجمعنا ثمّ قال : «أتدرون لِمَ دعوتكم؟»

فقلنا : لا .

قال : «إشهدوا إنّ ابني هذا وصيّي والقيّم بأمري وخليفتي من بعدي ، من كان له عندي دين فليأخذه من ابني هذا ، ومن كان له عندي عدة فلينجزها منه ، ومن لم يكن له بدٌ من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه» (7) .


وعنه ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن علي ، عن محمد بن سنان ، وعليّ بن الحكم جميعاً ، عن الحسين بن المختار قال : خرجت إلينا ألواح من أبي الحسن موسى عليه السلام ـ وهو في الحبس ـ : «عهدي إلى أكبر ولدي أن يفعل كذا وكذا ، وفلانٌ لا تنله شيئاً حتّى ألقاه أو يقضي الله عليَّ الموت» (Cool .

وعنه ، عن أحمد بن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن أبي عليّ الخزّاز ، عن داود بن سليمان قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : إنّي : أخاف أن يحدث حدث الموت ولا ألقاك ، فأخبرني من الإِمام بعدك؟

فقال : «ابني عليّ» يعني الرضا عليه السلام (9) .

وعنه ، عن ابن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن سعيد بن أبي الجهم ، عن نصر بن قابوس قال : قلت لأبي إبراهيم عليه السلام : إنيّ سألت أباك عليه السلام من الذي يكون من بعدك؟ فأخبرني أنّك أنّك أنت هو ، فلّما توفّي أبو عبدالله عليه السلام ذهب الناس يميناً وشمالاً وقلت أنا بك وأصحابي ، فأخبرني من الذي يكون من بعدك من ولدك؟

قال : «ابني فلان» (10) يعني عليّاً .

وعنه ، عن ابن مهران ، عن محمد بن عليّ ، عن الضحّاك بن الاَشعث ، عن داود بن زربي قال : جئت إلى أبي إبراهيم عليه السلام بمال فأخذ بعضه وترك بعضه فقلت : أصلحك الله ، لاَيّ شيء تركته عندي؟

فقال : «إنّ صاحب هذا الاَمر يطلبه منك» .

فلمّا جاء نعيه عليه السلام بعث إلي أبو الحسن عليه السلام فسألني ذلك المال ، فدفعته إليه (11) .

وعنه ، عن محمد بن عليّ ، عن أبي الحكم ـ ورواه الشيخ أبو جعفر ابن بابويه ، عن أبيه وجماعة ، عن محمد بن يحيى العطّار ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن عبدالله بن محمد ، عن الحسن بن موسى الخشاب ، عن عليّ بن أسباط ، عن الحسين مولى أبي عبدالله ، عن أبي الحكم ـ عن عبدالله بن إبراهيم بن علي بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب ، عن يزيد بن سليط قال : لقيت أبا إبراهيم عليه السلام ـ ونحن نريد العمرة ـ في بعض الطريق فقلت : جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع الذي نحن فيه .

قال : «نعم ، فهل تثبته أنت؟»

قلت : نعم ، إنّي أنا وأبي لقيناك هاهنا مع أبي عبدالله ومعه إخوتك ، فقال له أبي : بأبي أنت واُمّي أنتم كلّكم أئمّة مطهّرون ، والموت لايعرى منه أحد ، فأحدث إليّ شيئاً اُحدّث به من يخلفني من بعدي فلا يضلّوا .

فقال : «نعم يا أبا عمارة (12) هؤلاء ولدي ، وهذا سيّدهم ـ وأشار إليك ـ قد عُلّم الحكم والفهم ، وله السخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم ، وفيه حسن الخلق وحسن الجوار ، وهو باب من أبواب الله عزّ وجلّ ، وفيه آخر خيرٌ من هذا كلّه» .

فقال له أبي : و ماهي؟

فقال : «يخرج الله منه غوث هذه الاَمّة وغياثها وعلمها ونورها ، خيرمولود وخير ناشئ ، يحقن الله به الدماء ، ويصلح به ذات البين ، ويلمّ به الشعث ، ويشعب (13)به الصدع (14) ، ويكسو به العاري ، ويشبع به الجائع ، ويؤمن به الخائف ، وينزل الله به القطر ، ويرحم به العباد ، خير كهل ، وخير ناشئ ، قوله حكم ، وصمته علم ، يبّين للناس ما يختلفون فيه ، ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه» .

فقال له أبي : بأبي أنت واُمّي ، هل يكون له ولد بعده؟

فقال : «نعم» ثمّ قطع الكلام .

قال يزيد : فقلت له : بأبي أنت واُمّي ، فأخبرني بمثل ما أخبرنا به أبوك فقال لي : «نعم ، إنّ أبي عليه السلام كان في زمان ليس هذا الزمان مثله» .

فقلت له : من يرضى بهذا منك فعليه لعنة الله .

قال : فضحك أبو إبراهيم عليه السلام ثمّ قال : «اُخبرك يا أبا عمارة ، إنّي خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان وأشركت معه بنيّ في الظاهر ، وأوصيته في الباطن وأفردته وحده ، ولو كان الاَمر إليّ لجعلته في القاسم لحبّي إيّاه ورأفتي عليه ، ولكن ذاك إلى الله يجعله حيث يشاء ، ولقد جاءني بخبره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ثمّ أرانيه وأراني من يكون بعده ، وكذلك نحن لا نوصي إلى أحد منّا حتّى يخبره رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وجدّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، ورأيت مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم خاتماً وسيفاً وعصاً وكتاباً وعمامةً ، فقلت : ما هذا يا رسول الله؟ فقال لي : أمّا العمامة فسلطان الله ، وأمّا السيف فعزّ الله ، وأمّا الكتاب فنور الله؛ وأمّا العصا فقوّة الله ، وأمّا الخاتم فجامع هذه الاَمور ، ثمّ قال : ولاَمر قد خرج منك إلى غيرك ، فقلت : يا رسول الله أرنيه أيّهم هو؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : ما رأيت من الاَئمة أحداً أجزع على فراق هذا الاَمر منك ، ولو كانت الاِمامة بالمحبّة لكان إسماعيل أحبّ إلى أبيك منك ، ولكن ذاك إلى الله عزّ وجلّ» .

ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السلام : «ورأيت ولدي جميعاً ـ الاَحياء منهم والاَموات ـ فقال لي أمير المؤمنين عليه السلام : هذا سيّدهم ، وأشار إلى إبني عليّ ، فهو منّي وأنا منه والله مع المحسنين» .

قال يزيد : ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السلام : «يا يزيد ، إنّها وديعة عندك فلا تخبر بها إلاّ عاقلاً أو عبداً تعرفه صادقاً ، وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها ، وهو قول الله عزّ وجلّ لنا : ﴿ إنّ الله يَأمُرُكُم أَن تُؤَدُّوا الاَماناتِ إِلى أهلها ﴾ (15) .

وقال لنا : ﴿ ومَنن أَظلم مِمَّن كَتَمَ شَهادَةً عِندَهُ مِنَ الله ﴾ (16) .

قال : وقال أبو إبراهيم عليه السلام : «فأقبلت على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت : قد اجتمعوا إليّ ـ بأبي أنت واُمّي ـ فأيّهم هو؟ فقال : هو الذي ينظر بنور الله ، ويسمع بتفهيمه ، وينطق بحكمته ، ويصيب فلا يخطئ ، ويعلم فلا يجهل ، هو هذا ـ وأخذ بيد علي ابني ـ ثمّ قال : ما أقلّ مقامك معه ، فأذا رجعت من سفرتك فأوص وأصلح أمرك ، وافرغ ممّا أردت فأنّك منتقل عنهم ومجاور غيرهم ، وإذا أردت فادع عليّاً فمره فليغسّلك وليكفّنك وليتطهّر لك ولا يصلح إلاّ ذلك و ذلك سنّة قد مضت» .

ثمّ قال أبو إبراهيم عليه السلام : «إنّي أوخذ هذه السّنة ، والاَمر إلى إبني عليّ سمّي علي وعليّ ، فأمّا عليّ الاَول فعليّ بن أبي طالب عليه السلام وأمّا علي الآخر فعليّ بن الحسين عليهما السلام ، اُعطي فهم الاَول وحكمته وبصره وودّه ودينه ومحنته ، ومحنة الآخر وصبره على ما يكره ، وليس له أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين» .

ثمّ قال : «يا يزيد ، فإذا مررت بهذا الموضع ولقيته ـ وستلقاه ـ فبشّره أنّه سيولد له غلامٌ أمين مأمون مبارك ، وسيعلمك أنّك لقيتني ، فأخبره عند ذلك أنّ الجارية التي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية القبطيّة جارية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ، وإن قدرت أن تبلّغها منّي السلام فافعل ذلك» .

قال يزيد : فلقيت بعد مضي أبي إبراهيم عليه السلام عليّاً عليه السلام فبدأني فقال لي : «يا يزيد ، ما تقول في العمرة؟»

فقلت : فداك أبي وأمّي ، ذاك إليك وما عندي نفقة .

فقال : «سبحان الله ، ما كنّا نكلّفك ولا نكفيك» .

فخرجنا حتى إنتهينا إلى ذلك الموضع إبتدأني فقال : «يا يزيد ، إنّ هذا الموضع لكثيراً ما لقيت فيه (خيراً لك من عمرتك)» (17) .

فقلت : نعم ، ثمّ قصصت عليه الخبر .

فقال لي : «أمّا الجارية فلم تجيء بعد فإذا (دخلت) (18)أبلغتها منك السّلام» .

فانطلقنا إلى مكّة ، واشتراها في تلك السنة ، فلم تلبث إلاّ قليلاً حتّى حملت فولدت ذلك الغلام .

قال يزيد : وكان إخوة علي يرجون أن يرثوه ، فعادوني من غير ذنب ، فقال لهم إسحاق بن جعفر : والله لقد رأيته وأنّه ليقعد من أبي إبراهيم عليه السلام المجلس الذي لا اجلس فيه انا (19)

وعنه ، عن محمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن علي وعبيدالله بن المرزبان ، عن ابن سنان قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السلام قبل أن يقدم العراق بسنة وعليّ ابنه جالس بين يديه ، فنظر إليّ فقال : « يا محمد ، أما إنه ستكون في هذه السنة حركة ، فلا تجزع لذلك » .

قال : قلت : وما يكون جعلت فداك؟ فقد أقلقتني .

قال : «أصير إلى هذه الطاغية ، أما إنّه لا يبدأني منه سوء ولا من الذي يكون بعده» .

قال : قلت : وما يكون جعلت فداك؟

قال : ﴿ يضلُّ اللهُالظالمينَ وَيَفعلُ اللهُما يَشاء ﴾ (20)

قال : قلت : وما ذاك جعلت فداك .

قال : «من ظلم ابني هذا حقّه وجحد إمامته من بعدي كان كمن جحد عليّاً عليه السلام حقّه وجحد إمامته من بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم» .

قال : قلت : والله لئن مدّ الله لي في العمر لاُسلّمنّ له حقّه ، ولاُ قرّنّ له بإمامته .

قال : «صدقت يا محمد ، يمدّ الله في عمرك وتقرّ بإمامته وإمامة من يكون بعده» .

قال : قلت : ومن ذاك؟

قال : «محمد ابنه» .

قال : قلت له : الرضا والتسليم (21)

والاَخبار في هذا الباب كثيرة ، وهذه جملة كافية في هذا الموضع .


(1) الكافي 1 : 248|1 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 21|3 ، ارشاد المفيد 2 : 249 ، كشف الغمة 2 : 270 ، ونقله المجلسي في بحار الأَنوار 49 : 13|4 .
(2) الكافي 1 : 249|3 ، وكذا في عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 23|7 ، ارشاد المفيد 2 : 248 ، الغيبة للطوسي : 34|9 ، كشف الغمة 2 : 270 ، الفصول المهمة : 2043 ونقله المجلسي في بحار الأَنوار 49 : 23|34 .
(3) الكافي 1 : 249|2 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 31|27 ، ارشاد المفيد 2 : 249 ، الغيبة للطوسي : 36|12 ، كشف الغمة 2 : 271 ، ونقله المجلسي في بحارالأَنوار 49 : 24|36 .
(4) البقرة 2 : 30 .
(5) الكافي 1 : 249|4 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 249 ، الغيبة للطوسي : 34|10 ، كشف الغمة 2 : 270 ، ونقله المجلسي في بحار الاَنوار 49 : 24|35 .
(6) الكافي 1 : 249|6 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 31|25 ، ارشاد المفيد 2 : 250 ، الغيبة للطوسي : 37|14 ، كشف الغمة 2 : 271 ، الفصول المهمة : 244 ، ونقله المجلسي في بحار الأَنوار 49 : 19|23 .
(7) الكافي 1 : 249|7 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 27|14 ، ارشاد المفيد 2 : 250 ، الغيبة للطوسي 37|15 ، كشف الغمة 2 : 271 ، الفصول المهمة : 244 .
(Cool الكافي 1 : 250 | 8 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 30 | 23 ، ارشاد المفيد 2 : 250 ، الغيبة للطوسي : 36 | 13 ، كشف الغمة 2 : 271 ، نقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار 49 : 24 | 37 .
(9) الكافي 1 : 250 | 8 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 23 | 8 ، ارشاد المفيد 2 :251 ، الغيبة للطوسي : 38 | 16 ، كشف الغمة 2 : 271 ، ونقله العلامة المجلسي في بحار الأنوار 49 : 24 | 38 .
(10) الكافي 1 : 250 | 12 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 31 | 26 ، ارشاد المفيد2 : 251 ، الغيبة للطوسي : 38 | 17 ، رجال الكشي : 451 | 849 ، كشف الغمة2 : 271 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 49 : 25 | 39 .
(11) الكافي 1 : 250 | 13 ، وكذا في : ارشاد المفيد 2 : 251 ـ 252 ، الغيبة للطوسي : 39 | 18 ، رجال الكشي : 313 | 565 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 368 ، كشف الغمة2 : 271 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 49 : 24 | 40 .
(12) في الكافي : يا أبا عبد الله .
(13) يشعب : يجمع . « انظر : الصحاح ـ شعب ـ 1 : 156» .
(14) الصدع : الشق . « الصحاح ـ صدع ـ 3 : 1241» .
(15) النساء 4 : 58 .
(16) البقرة 2 : 140 .
(17) في الكافي : جيرتك وعمومتك .
(18) في الكافي : جاءت .
(19) الكافي 1 : 250 | 14 ، وكذا في :ارشاد المفيد 2 : 252 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام1 : 23 | 9 ، والغيبة للطوسي في بحار الانوار 50 : 25 | 17 .
(20) ابراهيم 14 : 27 .
(21) الكافي 1 : 256 | 16 ، وكذا في : عيون أخبار الرضا عليه السلام 1 : 32 | 29 ، ارشاد المفيد2 : 252 ، الغيبة للطوسي : 32 | 8 .
-------------------------------------------------------------------------------

من آياته ودلالاته ومعجزاته عليه السلام

قد نقلت الرواة من العامّة والخاصّة كثيراً من دلالاته وآياته في حياته وبعد وفاته ، ونحن نذكر منها ما يليق بكتابنا هذا ، فممّا روته العامّة :

ما أخبرني به الحاكم الموفّق بن عبدالله العارف النوقانيّ قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن محمد السمرقنديّ المحدّث ، قال : أخبرنا محمد بن أبيعلي الصفار ، قال : أخبرنا أبو سعد الزاهد ، قال : أخبرنا عبدالعزيز بن محمد بن عبد ربّه الشيرازيّ بمصر ، قال : حدّثنا عمر بن محمد بن عراك ، قال : حدّثنا عليّ عليّ بن محمد الشيروانيّ ، قال : حدّثنا عليّ بن أحمد الوشّاء الكوفيّ قال : خرجت من الكوفة إلى خراسان فقالت لي ابنتي : يا أبه ، خذ هذه الحلّة فبعها واشتر لي بثمنها فيروزجاً .
قال : فأخذتها وشددتها في بعض متاعي وقدمت مرو ، فنزلت في بعض الفنادق ، فإذا غلمان عليّ بن موسى ـ المعروف بالرضا ـ قد جاؤوني وقالوا : نريد حلّة نكفّن بها بعض علمائنا ، فقلت : ما عندي ، فمضوا ثمّ عادوا وقالوا : مولانا يقرأ عليك السلام ويقول لك : «معك حلّة في السفط الفلانيّ دفعتها إليك ابنتك وقالت : اشترلي بثمنها فيروزجاً ، وهده ثمنها» .

فدفعتها إليهم وقلت : والله لاَسألنّه عن مسائل فإن أجابني عنها فهو هو ، فكتبتها وعدوت إلى بابه فلم أصل إليه لكثرة إزدحام الناس ، فبينما أنا جالس إذ خرج إليّ خادم فقال لي : يا عليّ بن أحمد هذه جوابات مسائلك التي معك ، فأخذتها منه فإذا هي جوابات مسائلي بعينها (1)


ومن ذلك : ما رواه الحاكم أبو عبدالله الحافظ بإسناده ، عن محمد بن عيسى ، عن أبي حبيب النباجي قال : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام وقد وافى النباج (2) ونزل في المسجد الذي ينزله الحجّاج في كلّ سنة ، وكأنّي مضيت إليه وسلّمت عليه ووقفت بين يديه ، فوجدت عنده طبقاً من خوص نخل المدينة فيه تمر صيحاني ، وكأنّه قبض قبضة من ذلك التمر فناولني ، فعددته فكان ثماني عشرة ، فتأوّلت أنّي أعيش بعدد كلّ تمرة سنة .

فلمّا كان بعد عشرين يوماً كنت في أرض تُعمر بين يدي للزراعة إذ جاءني من أخبرني بقدوم أبي الحسن الرضا عليه السلام من المدينة ونزوله لك المسجد ، ورأيت الناس يسعون إليه فمضيت نحوه ، فإذا هو جالس في الموضع الذي كنت رأيت فيه النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وتحته حصير مثل ما كان تحته وبين يديه طبق من خوص فيه تمر صيحاني ، فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام ، واستدعاني فناولني قبضة من ذلك التمر ، فعددته فإذا عدده مثل ذلك العدد الذي ناولني رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقلت له : زدني منه يا ابن رسول الله .

فقال : «لو زادك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لزدناك» (3) .


ومن ذلك ما أورده الحاكم أيضاً ورواه بإسناده ، عن سعد بن سعد ، عنه عليه السلام : أنّه نظر إلى رجل فقال له : «يا عبدالله ، أوص بما تريد واستعدّ لما لا بدّ منه» .

فمات الرجل بعد ذلك بثلاثة أيّام (4) .

ومما روته الخاصة : ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه بإسناده ، عن يحيى بن محمد بن جعفر قال : مرض أبي مرضاً شديداً فأتاه الرضا عليه السلام يعوده وعمّي إسحاق جالس يبكي ، فالتفت إليّ وقال : «ما يُبكي عمّك؟»

قلت : يخاف عليه ما ترى .

قال : فقال لي : «لا تغتمنّ ، فإنّ إسحاق سيموت قبله» .

قال : فبرئ أبي محمد ومات إسحاق (5) .

وباسناده ، عن معمر بن خلاّد قال : قال لي الريّان بن الصلت : أُحبّ أن تستأذن لي ئعلى أبي الحسن الرضا عليه السلام فاُسلّم عليه ، واُحبّ أن يكسوني من ثيابه ، وأن يهب لي من الدراهم التي ضُربت باسمه .

فدخلت على الرضا عليه السلام فقال مبتدئاً : «إنّ الريّان بن الصلت يريد الدخول علينا ، والكسوة من ثيابنا ، والعطيّة من دراهمنا ، فأذنتُ له» .
فدخل وسلّم ، فأعطاه ثوبين ، وثلاثين درهماً من الدراهم المضروبة باسمه (6) .
وباسناده ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن الحسين بن موسى ابن جعفر قال : كنّا حول أبي الحسن الرضا عليه السلام ونحن شبّان من بني هاشم إذ مرّ علينا جعفر بن عمر العلوي ، وهو رثّ الهيئة ، فنظر بعضنا إلى بعض وضحكنا من هيئته ، فقال الرضا عليه السلام : «سترونه عن قريب كثير المال كثير التبع» .

فما مضى إلاّ شهر أو نحوه حتّى ولي المدينة وحسنت حاله ، فكان يمرّ بنا ومعه الخصيان والحشم (7) .

وباسناده ، عن الحسين بن بشار قال : قال لي الرضا عليه السلام : «إنّ عبدالله يقتل محمداً .

فقلت : عبدالله بن هارون يقتل محمد بن هارون؟

فقال لي : «نعم ، عبدالله الذي بخراسان يقتل محمد بن زبيدة الذي هو ببغداد» فقتله (Cool .

وباسناده ، عن موسى بن مهران قال : رأيت الرضا عليه السلام وقد نظر إلى هرثمة بالمدينة فقال : «كأنّي به وقد حُمل إلى مرو فضربت عنقه» .

فكان كما قال (9) .

وباسناده ، عن عبدالرحمن بن أبي نجران وصفوان بن يحيى قالا : جاءنا الحسين بن قياما الواسطي ـ وكان من رؤساء الواقفة ـ فسألنا أن نستأذن له على الرضا عليه السلام ففعلنا ، فلمّا صار بين يديه قال له : أنت إمام؟

قال : «نعم» .

قال : فإنّي اُشهد الله أنّك لست بإمام .

قال : فنكت طويلاً في الاَرض منكس الرأس ثمّ رفع رأسه إليه فقال له : «ما علمك أنّي لست بإمام؟» .

قال له : إنّا روينا عن أبي عبدالله عليه السلام أنّ الاِمام لا يكون عقيماً ، وأنت قد بلغت هذا السنّ وليس لك ولد .

قال : فنكس رأسه أطول من المرّة الاُولى ثمّ رفع رأسه وقال : «إنّي اُشهد الله انّه لا تمضي الاَيّام والليالي حتّى يرزقني الله ولداً منّي» .

قال عبدالرحمن : فعددنا الشهور من الوقت الذي قال ، فوهب الله له أبا جعفر في أقلّ من سنة (10) .

قال الشيخ : حدّثنا أحمد بن علي بن الحسين الثعالبيّ ، قال ، حدّثنا أبو أحمد عبدالله بن عبدالرحمن المعروف بالصفواني قال : خرجت قافلة من خراسان إلى كرمان ، فقطع اللصوص عليهم الطريق وأخذوا منهم رجلاً اتّهموه بكثرة المال ، وأقاموه في الثلج وملأَوا فاه منه فانفسد فمه ولسانه حتّى لم يقدر على الكلام ، ثمّ انصرف إلى خراسان وسمع بخبر الرضا عليه السلام وأنّه بنيسابور ، فرأى فيما يرى النائم كأنّ قائلاً يقول له : إنّ ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد ورد خراسان فسله عن علّتك ليعلّمك دواء تنتفع به .

قال : فرأيت كأنّي قد قصدته وشكوت إليه ما كنت دفعت إليه ، وأخبرته بعلّتي فقال لي : «خذ من الكمّون والسعتر والملح ودقّه وخذ منه في فمك مرّتين أو ثلاثاً ، فإنّك تعافى» .

فانتبه الرجل من منامه ولم يفكّر فيما كان رأى في منامه حتّى ورد باب نيسابور فقيل له : إنّ عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام قد ارتحل من نيسابور وهو برباط سعد ، فوقع في نفسه أن يقصده ويصف له أمره ، فدخل إليه فقال له : يا ابن رسول الله ، كان من أمري كيت وكيت ، وقد انفسد عليّ فمي ولساني حتّى لا أقدر على الكلام إلا بجهد ، فعلّمني دواء أنتفع به .

فقال عليه السلام : «ألم أعلّمك ، اذهب فاستعمل ما وصفته لك في منامك» .

فقال الرجل : يا ابن رسول الله ، إن رأيت أن تعيده عليّ .

فقال لي : «خذ من الكمّون والسعتر والملح فدقّه وخذ منه في فمك مرّتين أو ثلاثاً فإنّك تعافى» .

قال الرجل : فاستعملت ما وصفه لي فعوفيت .

قال الثعالبي : سمعت الصفواني يقول : رأيت هذا الرجل وسمعت منه هذه الحكاية (11) .

وباسناده ، عن جعفر بن محمد النوفليّ قال : أتيت الرضا عليه السلام وهو بقنطرة أربق (12) فسلّمت عليه ثمّ جلست وقلت : جعلت فداك ، إنّ اُناساً يزعمون أنّ أباك حيّ .

فقال : «كذبوا لعنهم الله ، لوكان حيّاً ما قُسّم ميراثه ولا نكح نساؤه ، ولكّنه والله ذاق الموت كما ذاقه عليّ بن أبي طالب عليه السلام» .

قال : فقلت له : فما تأمرني؟

قال : «عليك بابني محمد من بعدي ، وأمّا أنا فإنّي ذاهب في وجه لا أرجع منه ، بورك قبر بطوس وقبران ببغداد» .

قلت : جعلت فداك قد عرفنا واحداً فما الثاني؟

قال : «ستعرفونه» ثمّ قال : «قبري وقبر هارون هكذا» وضمّ اصبعيه (13) .

وعن حمزة بن جعفر الاَرجانيّ قال : خرج هارون من المسجد الحرام من باب وخرج الرضا عليه السلام من باب ، فقال الرضا عليه السلام ـ وهو يعني هارون :: «ما أبعد الدار وأقرب اللقاء يا طوس يا طوس ، ستجمعني وإيّاه» (14) .

وباسناده ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال : قال لي الرضا عليه السلام : «إنّي حيث أرادوا الخروج بي من المدينة جمعت عيالي فامرتهم أن يبكوا عليّ حتّى أسمع ، ثمّ فرّقت فيهم اثني عشر ألف دينار ، ثمّ قلت : أما إنّي لا أرجع إلى عيالي أبداً» (15) .

وعن الحسن الوشّاء أيضاً ، عن مسافر قال : كنت مع الرضا عليه السلام بمنى فمرّ يحيى بن خالد مع قوم من آل برمك فغطّى وجهه من الغبار فقال عليه السلام : «مساكين لا يدرون ما يحلّ بهم في هذه السنة» ثمّ قال : «وأعجب من هذا هارون وأنا كهاتين» وضمّ بين إصبعيه .

قال مسافر : فما عرفت معنى حديثه حتّى دفنّاه معه (16) .

وباسناده ، عن صفوان بن يحيى قال : لمّا مضى أبو الحسن موسى عليه السلام وتكلّم الرضا عليه السلام خفنا عليه من ذلك وقلنا له : إنّك قد أظهرت أمراً عظيماً ، وإنّا نخاف عليك هذا الطاغي .

فقال : « ليجتهد جهده ، فلا سبيل له عليّ » .

قال صفوان «فأخبرنا الثقة : أنّ يحيى بن خالد قال للطاغي : هذا عليّ ابنه قد قعد وادّعى الاَمر لنفسه ، فقال : ما يكفينا ما صنعنا بأبيه ، تريد أن نقتلهم جميعاً! (17) .

وباسناده ، عن عليّ بن جعفر ، عن أبي الحسن الطيب قال : لمّا توفّي أبو الحسن موسى عليه السلام دخل أبو الحسن الرضا عليه السلام السوق واشترى كلباً وكبشاً وديكاً ، فلمّا كتب صاحب الخبر بذلك إلى هارون قال : قد أمنّا جانبه .

وكتب الزبيري : أنّ عليّ بن موسى قد فتح بابه ودعا إلى نفسه ، فقال هارون : واعجبا إنّ عليّ بن موسى قد اشترى كلباً وكبشاً وديكاً ويُكتب فيه بما يُكتب! (18) .

وباسناده ، عن الحسن بن موسى قال : خرجنا مع أبي الحسن الرضا عليه السلام إلى بعض أملاكه في يوم لا سحاب فيه ، فلّما برزنا قال : «حملتم معكم المماطر؟»

قلنا : لا ، وما حاجتنا إلى المماطر وليس سحاب ولا نتخوّف المطر؟!

قال : «لكني حملته وستمطرون» .

قال : فما مضينا إلاّ يسيراً حتّى ارتفعت سحابة ومُطِرنا ، فما بقي منّا أحدٌ إلاّ ابتلٌ (19) .

وأسانيد هذه الاَحاديث مذكورة في كتاب عيون الاَخبار للشيخ أبي جعفر قدس الله روحه .

وروى محمد بن يعقوب الكليني رحمه الله بإسناده ، عن إبراهيم بن موسى قال : ألححت على أبي الحسن الرضا عليه السلام في شيء أطلبه منه وكان يعدني ، فخرج ذات يوم يستقبل والي المدينة وأنا معه ، فجاء إلى قرب قصر فلان فنزل تحت شجرات ونزلت معه أنا وليس معنا ثالث ، فقلت : جعلت فداك ، هذا العيد قد أظلّنا ولا والله ما أملك درماً فما سواه .

فحكّ بسوطه الاَرض حكّاً شديداً ثمّ ضرب بيده فتناول منه سبيكة ذهب ، ثمّ قال : «انتفع بها واكتم ما رأيت» (20) .

وأما ما ظهر للناس بعد وفاته من بركة مشهده المقدّس وعلاماته ، والعجائب التي شاهدها الخلق فيه ، وأذعن العامّ والخاصّ له ، وأقرّ المخالف والمؤالف به إلى يومنا هذا ، فكثير خارج عن حدّ الاِحصاء والعدّ ، ولقد اُبرئ فيه الاَكمه والاَبرص ، واُستجيبت الدعوات ، وقضيت ببركته الحاجات ، وكُشفت الملّمات ، وشاهدنا كثيراً من ذلك وتيقّناه وعلمناه علماً لا يتخالج الشكّ والريب في معناه ، فلو ذهبنا نخوض في إيراد ذلك لخرجنا عن الغرض في هذا الكتاب .


(1) المناقب لابن شهرآشوب 4 : 341 ، دلائل الامامة : 194 ، الثاقب في المناقب 497 | 406 ، كشف الغمة 2 : 312 ، ونقله المجلسي في بحار الأنوار 49 : 69 | ذيل حديث 93 .
(2) قال الحموي في «معجم البلدان 5 : 255» : قال منصور : في بلاد العرب نباجان ،احدهما على طريق البصرة يقال له نباج بني عامر وهو بحذاء فيد ، والآخرنباج بني سعد في الغريتين .
وقال غيره : النباج منزل لحجاج البصرة .
وقيل : النباج بين مكة والبصرة للكريزيين ، ونباج آخر بين البصرة واليمامة .
(3) رواه عنه ابن شهرآشوب في المناقب 4 : 342 ، وابن حمزة في الثاقب في المناقب : 483 | 412 ، واُنظر عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 210 | 15 ، دلائل الإمامة : 189 ،ونقله ابن الصباغ في الفصول المهمة : 246 ، والمجلسي في بحار الانوار 49 : 35 | 15 .
(4) نقله عنه ابن حمزة في الثاقب في المناقب : 481 | 407 ، واُنظر : عيون أخبار الرضا عليه السلام2 : 223 | 43 ، ونقله ابن الصباغ في الفصول المهمة : 247 ، والمجلسي في بحار الانوار 49 : 59 | 75 .
(5) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 206 | 7 ، وكذا في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 340 ،الثاقب في المناقب : 481 | 408 .
(6) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 208 | 10 ، وكذا في : رجال الكشي 1 : 824 | 1036 ،المناقب لابن شهرآشوب 4 : 340 ، الثاقب في المناقب : 476 | 399 .
(7) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 208 | 11 وكذا في : المناقب لابن شهرآشوب 4 :335 ، الثاقب في المناقب 486 | 414 ، كشف الغمة 2 : 314 ، الفصول المهمة : 247 .
(Cool عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 209 | 12 ، وكذا في : اثبات الوصية : 177 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 335 ، الثاقب في المناقب : 481 | 409 ، دلائل الإمامة : 189 ،كشف الغمة 2 : 314 ، الفصول المهمة : 247 .
(9) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 210 | 14 ، وكذا في : اثبات الوصية : 175 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 335 ، الثاقب في المناقب : 482 | 410 ، دلائل الإمامة : 193 ، كشف الغمة 2 : 304
(10) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 209 | 13 ، وكذا في : إثبات الوصية : 183 ، دلائلالامامة : 189 ، نوادر المعجزات : 172 | 11 .
(11) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 211 | 16 ، وباختصار في : المناقب لابن شهرآشوب 4 : 344 ، الثاقب في المناقب 484 | 413 ، كشف الغمة 2 : 314 ، مكارم الاخلاق 1 :416 | 1412 .
(12) اربق (بفتح الباء وقد تضم) : من نواحي رامهرمز من نواحي خوزستان . «معجم البلدان 2 :137» .
(13) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 216 | 23 ، وكذا في : الثاقب في المناقب : 419 | 419 .
(14) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 216 | 24 ، وكذا في : الثاقب في المناقب :492 320 ، كشف الغمة 2 : 315 ، الفصول المهمة : 246 .
(15) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 217 | 28 ، وكذا في : اثبات الوصية : 187 .
(16) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 225 | 2 ، وكذا في : الكافي 1 : 410 | 9 ، المناقب لا بن شهرآشوب 4 : 340 ، كشف الغمة 2 : 275 .
(17) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 226 | 4 ، وكذا في : الكافي 1 : 406 | 2 ، كشف الغمة 2 : 315 .
(18) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 205 | 4 ، وكذا في : المناقب لابن شهرآشوب 4 :369 ، الثاقب في المناقب : 492 | 421 ، كشف الغمة 2 : 315 .
(19) عيون اخبار الرضا عليه السلام 2 : 221 | 37 ، وكذا في : المناقب لابن شهرآشوب 4 :341 ، كشف الغمة 2 : 303
(20) الكافي 1 : 408 / 6 ، وكذا في : اثبات الوصية : 176 ، دلائل الامامة : 190 ، روضة الواعضين : 222 ، كشف المغمة 2 : 274 .
--------------------------------------------------------------------------------

من خصائصه ومناقبه وأخلاقه الكريمة عليه السلام

عن محمد بن يحيى الصولي ، عن ابن ذكوان قال : سمعت إبراهيم بن العبّاس يقول : ما رأيت الرضا عليه السلام سئل عن شيء قطُّ إلاّ علمه ، ولا رأيت أعلم منه بما كان في الزمان إلى وقته وعصره ، وكان المأمون يمتحنه بالسؤال عن كلّ شيء فيجيب عنه ، وكان كلامه كلّه وجوابه وتمثّله إنتزاعات من القرآن ، وكان يختمه في كلّ ثلاث ويقول : «لو أنّي أردت أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمت ، ولكنّي ما مررت بآية قطّ إلاّ فكّرت فيها وفي أي شيء اُنزلت وفي أي وقت ، فلذلك صرت أختمه في كلّ ثلاث» (1) .

وفي رواية اُخرى : عن إبراهيم بن هاشم ، عن إبراهيم بن العبّاس أنّه قال : ما رأيتولا سمعت بأحد أفضل من أبي الحسن الرضا ، وشاهدت منه ما لم أشاهده من أحد ، وما رأيته جفا أحداً بكلامه قط ، ولا رأيته قطع على أحد كلامه حتّى يفرغ منه ، وما ردّ أحداً عن حاجة يقدر عليها ، ولا مدّ رجليه بين يدي جليس له قطُّ ، ولا اتكئ بين يدي جليس له قط ، ولا رأيته يشتم أحداً من مواليه ومماليكه ، وما رأيته تفل قط ، ولا رأيته يقهقه في ضحكه بل كان ضحكه التبسّم ، وكان إذا خلا ونصبت مائدته أجلس على مائدته مماليكه ومواليه حتّى البوّاب والسائس ، وكان قليل النوم بالليل ، كثير السهر ، يحيي أكثر لياليه من أوّلها إلى الصبح ، وكان كثير الصوم ، ولا يفوته صيام ثلاثة أيام في الشهر ، ويقول : «ذلك صوم الدهر» وكان كثير المعروف والصدقة في السرّ ، وأكثر ذلك يكون منه في الليالي المظلمة ، فمن زعم أنّه رأى مثله في فضله فلا تصدّقوه (2) .

وعن محمد بن أبي عباد قال : كان جلوس الرضا عليه السلام على حصير في الصيف وعلى مسح في الشتاء ، ولبسه الغليظ من الثياب حتّى إذا برز للناس تزيّن لهم (3) .

وروى الحاكم أبو عبدالله الحافظ بإسناده ، عن الفضل بن العبّاس ، عن أبي الصلت عبدالسلام بن صالح الهرويّ قال : ما رأيت أعلم من عليّ ابن موسى الرضا عليهماالسلام ، ولا رآه عالم ألاّ شهد له بمثل شهادتي ، ولقد جمع المأمون في مجالس له ذوات عدد علماء الاَديان وفقهاء الشريعة والمتكلّمين فغلبهم عن آخرهم حتّى ما بقي أحد منهم إلاّ أقّرّله بالفضل وأقرّ على نفسه بالقصور ، ولقد سمعت عليّ بن موسى الرضا عليهما السلام يقول : «كنت أجلس في الروضة والعلماء بالمدينة متوافرون ، فإذا أعيا الواحد منهم عن مسألة أشاروا إليّ بأجمعهم وبعثوا إليّ بالمسائل فأجيب عنها» (4) .

قال أبو الصّلت : ولقد حدّثني محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر ، عن أبيه : أنّ موسى بن جعفر عليهما السلام كان يقول لبنيه : «هذا أخوكم عليّ بن موسى عالم آل محمد ، فاسألوه عن أديانكم واحفظوا ما يقول لكم ، فإنّي سمعت أبي جعفر بن محمّد غير مرّة يقول لي : إنّ عالم آل محمد لفي صلبك ، وليتني أدركته فإنّه سميّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام» (5) .

وروى عليّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن محمد بن يحيى الفارسيّ قال : نظر أبو نؤاس إلى الرضا عليه السلام ذات يوم وقد خرج من عند المأمون على بغلة له ، فدنا منه وسلّم عليه وقال : ياابن رسول الله ، قد قلت فيك أبياتاً وأنا اُحبّ أن تسمعها منّي .

قال : «هات» فأنشأ يقول :

مطهـّرونَ نقيّات ثيابهم * تجري الصلاةُ عليهم أين ما ذُكروا
من لم يكن علويّاً حـين تنسـبهُ * فما لهُ في قديمِ الدهر مفتخرُ
فالله لمّا برا خلقاًفأ تقنهُ * صـفّاكم واصـطفاكم أيّها البشـرُ
فأنتم الملاَ الاَعلى وعندكم * علمُ الكتاب وما جاءت به السـورُ



فقال الرضا عليه السلام : «قد جئتنا بأبيات ما سبقك إليها أحدٌ ، يا غلام هل معك من نفقتنا شيء؟» .

فقال : ثلاثمائة دينار .

فقال : «أعطها إيّاه» ثم قال : «لعلّه استقلّها ، يا غلام سق إليه البغلة» (6) .

ولاَبي نؤاس فيه أيضاً :

قيل لي أنت أوحدُ الناسِ طرّاً * في فنونٍ من الكلام النبيهِ (7)
لك من جَوهرِ الكلامِ بديعٌ * يثمرُ الدرُ في يدي مجتنيهِ
فعلامَ تركتَ مدحَ ابن موسى * والخصـالَ التي تجمّعنَ فيهِ
قلتُ لا أهـتدي لمدحِ إمـامٍ * كـان جبريلُ خادماً لاَبيه (Cool


علىُّ بن إبراهيم بن هاشم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهرويّ قال : دخل دعبل بن عليّ الخزاعيّ على الرضا عليه السلام بمرو فقال له : يا ابن رسول الله ، إنّي قد قلت فيكم قصيدة ، وآليت على نفسي أن لا أنشدها أحداً قبلك .

فقال عليه السلام : «هاتها» .

فأنشده :

مَدارسُ آياتٍ خَلتْ من تلاوةٍ * ومنزلُ وحيٍ مقفرُ العرصاتِ


فلما بلغ إلى قوله :

أرى فيئهم في غيرهم مُتقِّسماً * وأيديهمُ مِن فَيئهم صفراتِ


بكى أبو الحسن الرضا عليه السلام وقال له : «صدقت يا خزاعيّ» .

فلما بلغ إلى قوله :

إذا وِتروا مدُّوا إلى واتريهُم * أكفّاً عن الاَوتارِ مُنقبضاتِ


جعل الرضا عليه السلام يقلّب كفّيه ويقول : «أجل والله منقبضات» .

فلما بلغ إلى قوله :

لقد خفتُ في الدينا وأيّام سعيها * وإنّي لارجوا الاَمَن بعدَ وفاتي


قال الرضا عليه السلام : «آمنك الله يوم الفزع الاَكبر» .

فلما انتهى إلى قوله :

وقبرٌ ببغداد لنفسٍ زكيّةٍ * تضمَّنها الرحمنُ في الغُرفاتِ


قال الرضا عليه السلام : «أفلا أُلحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك؟»

فقال : بلى يا ابن رسول الله .

فقال عليه السلام :

«وقبرٌ بطوسٍ يا لها من مصيبةٍ * توقّد فـي‌ الاَحشاءِ بالحرقاتِ

إلى الحشرِ حتّى يبعثَ الله قائماً * يفرِّج عنّا الهمّ والكرباتِ»


فقال دُعبل : ياابن رسول الله هذا القبر الذي بطوس قبر من هو؟

فقال الرضا عليه السلام :« قبري ، ولا تنقضي الاَيّام والليالي حتّى تصير طوس مختلف شيعتي وزوّاري ، ألا فمن زارني في غربتي بطوس كان معي في درجتي يوم القيامة مغفوراً له» .

ثمّ نهض الرضا عليه السلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه ، فدخل الدار فلمّا كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار ـ وفي رواية غيره : ستّمائة دينار ـ وقال له : يقول لك مولاي : «إجعلها في نفقتك» .

فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعاً في شيء ، وردّ الصرّة وسأل ثوباً من ثياب الرضا ليتبرّك به ويتشرّف ، فأنفذ إليه الرضا عليه السلام بجبّة خزّ مع الصرّة وقال للخادم : «قل له : خذ هذه الصرّة فإنّك ستحتاج إليها ، ولا تراجعني فيها» .

فانصرف دعبل وصار من مرو في قافلة فوقع عليهم اللصوص وأخذوا القافلة وكتّفوا أهلها وجعلوا يقسّمون أموالهم ، فتمثّل رجلٌ منهم بقوله :

أرى فيئهم في غيرهم متقسّماً * وأيديهم من فيئهم صفرات

فقال دعبل : لمن هذا البيت؟ قال : لرجل من خزاعة . قال : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة .

فحلّوا كتافه وكتاف جميع القافلة ، وردّوا إليهم جميع ما أُخذ منهم .

وسار دعبل حتّى وصل إلى قم وأنشدهم القصيدة فوصلوه بمال كثير وسألوه أن يبيع الجبّة منهم بألف دينار فأبى ، وسار عن قم فلحقه قومٌ من أحداثهم وأخذوا الجبّة منه ، فرجع دعبل وسألهم ردّها عليه فقالوا : لا سبيل لك إليها فخذ ثمنها ألف دينار ، فقال : على أن تدفعوا إليّ شيئاً منها ، فأعطوه بعضها وألف دينار .

وانصرف دعبل إلى وطنه فوجد اللصوص أخذوا جميع ما في منزله ، فباع المائة دينار التي وصله بها الرضا عليه السلام من الشيعة كلّ دينار بمائة درهم ، وتذكّر قول الرضا عليه السلام : «إنّك ستحتاج إليها» (9) .

وعن أبي الصلت الهرويّ قال : سمعت دعبل قال : لمّا أنشدت مولاي الرضا عليه السلام القصيدة وانتهيت إلى قولي :

خروجُ إمامٍ لا محالة خارجٍ * يقومُ على اسمِ اللهِوالبركاتِ
يميّزُ فينا كلّ حقٍّ وباطلٍ * ويجزي على النعماءِ والنقماتِ


بكى الرضا عليه السلام بكاءً شديداً ثمّ رفع رأسه إليّ وقال : «يا خزعي ، نطق روح القدس على لسانك بهذين البيتين ، فهل تدري من هذا الاِمام ومتى يقوم؟»

قلت : لا يا مولاي ، إلاّ أنّي سمعت بخروج إمام منكم يملاَ الاَرض عدلاً .

فقال :« يا دعبل ، الاِمام بعدي محمد ابني ، وبعد محمد ابنه عليّ ، وبعد عليّ ابنه الحسن ، وبعد الحسن ابنه الحجّة القائم المنتظر في غيبته المطاع في ظهوره ، لو لم يبق من الدينا إلاّ يوم واحد لطّول الله تعالى ذلك اليوم حتّى يخرج فيملأها عدلاً كما ملئت جوراً» (10) .

وروى الصولي ، عن أبي ذكوان ، عن إبراهيم بن العبّاس قال : كان الرضا عليه السلام ينشد كثيراً :

«إذا كنتَ في خيرٍ فلا تغترر بهِ * ولكن قلِ اللّهمّ سلّم وتمّم» (11)


وعن الريّان بن الصلت قال : أنشدني الرضا عليه السلام لعبد المطّلب :

« يعيبُ الناسُ كلّهم زماناً * وما لزماننا عيبٌ سوانا
نعيبُ زماننا والعيبُ فينا * ولو نطقَ الزمانُ بنا هجانا
وليس الذئب يأكلُ لحمَ ذئبٍ * ويأكلُ بعضُنا بعضاً عياناً » (12)


وشكا رجلٌ أخاه في مجلسه عليه السلام فأنشأ يقول :

«اعـذر أخاك على ذنوبهِ * واستـر وغـطِّ على عيوبهِ
واصبر على بهت السفيـ * ـهِ وللزمانِ على خطوبهِ
ودعِ الجوابَ تفضـّلاً * وكلِّ الظلومَ إلى حسيبهِ» (13)


وروي عن عبدالرحمن بن أبي نجران قال : كتب أبوالحسن الرضا عليه السلام إلى بعض أصحابه : «إنّا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة الاِيمان وبحقيقة النفاق» (14) .

وروي عن ياسر الخادم قال : كان غلمان لاَبي الحسن عليه السلام في البيت صقالبة وروم ، وكان أبو الحسن عليه السلام قريباً منهم فسمعهم بالليل يتراطنون بالصقلبيّة والروميّة ويقولون : إنّا كنّا نفتصد في كلّ سنة في بلادنا ثمّ ليس نفتصد هاهنا ، فلمّا كان من الغد وجّه أبو الحسن عليه السلام إلى بعض الاَطبّاء فقال : «افصد فلاناً عرق كذا ، وافصد فلاناً عرق كذا» ثمّ قال : «يا ياسر ، لاتفتصد أنت» .

قال : فافتصدت فورمت يدي واحمرّت ، فقال لي : «يا ياسر مالك؟»

فأخبرته فقال : «ألم أنهك عن ذلك ، هلّم يدك» فمسح يده عليها وتفل فيها ثمّ أوصاني أن لا أتعشّى ، فكنت بعد ذلك ما شاء الله لا أتعشّى ثمّ أتغافل فأتعشّى فتضرب عليّ (15) .

عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الصلت الهرويّ قال : كان الرضا عليه السلام يكلّم الناس بلغاتهم ، وكان والله أفصح الناس وأعلمهم بكلّ لسان ولغةم فقلت له يوماً : يا ابن رسول الله إنّي لاَعجب من معرفتك بهذه اللغات على إختلافها .

فقال : «يا أبا الصلت ، أنا حجّة الله على خلقه ، وما كان الله ليتّخذ حجّة على قوم وهو لا يعرف لغاتهم ، أَوَما بلغك قول أمير المؤمنين عليه السلام : أوتينا فصل الخطاب؟ فهل فصل الخطاب إلاّ معرفة اللغات» (16) .

وروى الحسن بن عليّ بن فضّال ، عن الرضا عليه السلام : أنّه قال له رجل من أهل خراسان : يا ابن رسول الله ، رأيت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في المنام كأنّه يقول لي : كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي ، واستحفظتم وديعتي ، وغيّب في ثراكم نجمي؟

فقال له الرضا عليه السلام : «أنا المدفون في أرضكم ، وأنا بضعة من نبيّكم ، وأنا الوديعة والنجم ، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب الله تعالى من حقّي وطاعتي فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنّا شفعاؤه نجا ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجنّ والاِنس . ولقد حدّثني أبي عن جدّي عن أبيه عليه السلام أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : من رآني في منامه فقد رآني فإنّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ولا في صورة أحد من شيعتهم ، وإنّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوّة» (17) .

وأما ما روي عنه عليه السلام من فنون العلم ، وأنواع الحكم ، ولاَخبار المجموعة والمنثورة ، والمجالس مع أهل الملل والمناظرات المشهورة فأكثر من أن تحصى .


(1) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 180 | 4 ، كشف الغمة 2 : 316 .
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 184 | 7 ، كشف الغمة 2 : 316 .
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 187 | 1 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 360 ، كشف الغمة 2 : 316 .
(4) كشف الغمة 2 : 316 ، ونقله المجلسي في بحار الانوار 49 : 100 | 17 .
(5) كشف الغمة 2 : 317 ، نقله المجلسي في بحار الانوار 49 : 100| ذيل حديث 17 .
(6) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 143 | 10 ، المناقب لابن شهرآشوب 4 : 366 ، بشارة المصطفى : 81 ، كشف الغمة2 : 317 ، الفصول المهمة : 248 .
(7) في نسخة « م » في المعاني وفي الكلام البديه .
(Cool عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 143 | 9 ، روضة الواعضين : 236 ،
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://szfh.hooxs.com
 
الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» ما قصة الكلب الذي دخل صحن الإمام علي بن موسى الرضا (ع)
» كرامات الامام الرضا عليه السلام
» بين النبى يوسف والإمام موسى الكاظم عليهم السلام
» الإمام محمد بن علي الجواد (ع)
» الإمام علي بن محمد الهادي (ع)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى عشوقـآت :: القسم الإسلامي :: ركن أهل البيت عليهم السلام-
انتقل الى: